دور الإعلام في تجسيد الوحدة الوطنية
يمكن للإعلام أن يلعب دورا محوريا في تجسيد الوحدة الوطنية وذلك انطلاقا من دوره كوسيلة للتوعية والتثقيف والتوجيه ،بنفس القدر الذي يمكنه أن يلعب دورا سلبيا في التفرقة والتحريض،وخاصة في عصرنا الحاضر الذي انتقل فيه الإعلام من ترتيبه التقليدي كسلطة رابعة إلى سلطة أولى في العديد من البلدان الديمقراطية، حيث يسود مناخ حرية التعبير والنشر،وهي البيئة الملائمة التي تمكن الصحافة من التأثير بشكل مباشر في اتخاذ القرار بالاعتماد على وسائلها المشروعة،شريطة أن تكون هذه الأخيرة محكومة بضوابط المسؤولية واحترام نصوص القوانين والدستور والمقدسات الوطنية .
ولذا نلاحظ أن قدرة الصحافة على التأثير تختلف من بيئة إلى أخرى تبعا للانفتاح الديمقراطي ، فإذا كانت الصحافة مثلا قد وصلت إلى درجة كبيرة من الاحترام والقدرة على التأثير في الغرب وبعض الدول النامية، فإنها لازالت تعاني من الكثير من القمع وتضييق الخناق في البلدان التي تتحكم فيها أنظمة قمعية ورجعية وهو ما يحولها إلى أداة في يد تلك السلطات تمرر من خلالها خطاباتها الفارغة وتستخدمها لأغراضها الخاصة.الأمر الذي يفرغ الرسالة الإعلامية من محتواها ويجعلها عاجزة عن لعب أي دور ايجابي،وبالتالي تصبح أداة هدم بدل البناء.
فالإعلام مثلا يمكن أن يلعب دورا رئيسيا في تجسيد الوحدة الوطنية بتقريبه لوجهات النظر بين مختلف شرائح المجتمع وقومياته وذلك بالانفتاح على الجميع ومنح المواطنين الفرصة لإبداء آرائهم بكل حرية عبر المنابر الأساسية كالتلفزيون والإذاعة ووسائل النشر الأخرى ومن ثم إثارة القضايا الخلافية الجوهرية والبحث لها عن حلول مناسبة بدل التعتيم عليها.
كما ينبغي للإعلام أن يسلط الضوء على القضايا التي تجمع بين مختلف مكونات المجتمع، باعتبارها مسائل تقرب وتوحد، كالمصير المشترك والدين والوطنية، فالاختلاف والتنوع يعتبر مصدر قوة للشعوب، لأنها ظاهرة صحية يمكن أن تستغلها الشعوب لبناء نهضتها والأمثلة على ذلك كثيرة.