الثلاثاء، 30 أبريل 2013

العمال الموريتانيون ظلم أرباب العمل وإهمال الدولة (الجزء الأول)


حملة تدوينية ينظمها المدونون تضامنا مع العمال الموريتانيين في عيدهم الذي يصادف 1 مايو:



موريتانيا كبقية دول العالم الثالث، تتميز بالعديد من الخصائص والصفات التي تطبع قطاع الأعمال الخاص، و من المميزات التي تتميز بها هذه الدول كذلك، هو لا هيكلية الاقتصاد وخضوعه بالتالي لرجال أعمال جشعين، همهم الوحيد هو تحصيل الأموال ولو على حساب العمال المحليين، ولا مانع في جلب أجانب أقل تكلفة في أول مساس بمصالحهم الذاتية الضيقة.
إحدى أهم النقاط المؤثرة على العمال اليدويين بشكل خاص هو ضعف السلطة الحاكمة في مواجهة رجال الأعمال إذ تعجز عن فرض سيطرتها عليهم لتحقيق المصالح العليا للبلد ناهيك عن مصلحة العمال أنفسهم، هذا أولا، أما الطامة الكبرى التي تكون وبالا على العمالة المحلية هي التزاوج بين رجال الأعمال والسلطة أو النظام الحاكم .هذه النقطة الأخيرة هي ما يميز الواقع الموريتاني بالتحديد ، فموريتانيا دولة من العالم الثالث بامتياز، يطبعها الفساد والمحسوبية والمحاباة والزبونية ، ورجال أعمالها يطحنون الكادحين من عمال مؤسساتهم دون رأفة، ناهيك عن لعنة الانقلابات التي حلت بموريتانيا منذ أول انقلاب بتاريخ 10 يوليو سنة 1978 إلى يومنا هذا، زد على ذلك فساد أغلب طبقتها المثقفة التي تنصاع بسهولة أمام أي عسكري جاهل يحمل شعارات براقة يدركون دون شك أنها خادعة وكاذبة، و لعلنا نتذكر آخر مثال على ذلك حين قام رئيس الدولة الجنرال محمد ولد عبد عزيز بانقلاب على الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله في 6 أغسطس 2008 بدعاوي واهية، كانت جوقة من البرلمانيين والشيوخ هم أول من طبل لها وزمر باعتبارها حركة تصحيح، في حين هي حركة تصحيح مزورة لإعادة عسكريين تمت إقالتهم حسب ما يكفله الدستور الموريتاني.
بعد هذه المقدمة عن الوضع الاقتصادي المتردي وأسبابه ، لا بأس أن نذكر أهم الشركات العاملة على التراب الوطني سواء في القطاع الخاص أو العام، وتأتي في المقدمة  أهم شركة وطنية هي الشركة الوطنية للصناعة والمناجم (سنيم) و التي تضم أكبر تجمع لليد العاملة المحلية بالإضافة إلى شركات دولية عاملة على التراب الوطني مثل شركة كينروس تازيازت و (أم سي أم ) الكنديتين، لكن يأتي قبل ذلك الشركات الخصوصية التي تمتص دماء العمال دون حراك من الدولة التي تتحمل المسؤولية كاملة عن هكذا أوضاع مزرية يعيشها العمال.
لم ينقشع بعد غبار مسيلات الدموع التي أمطرت بها قوات الدرك والشرطة آخر انتفاضة عمالية نظمها عمال ميناء نواكشوط المستقل المعروفين محليا ب (جوكيرات)، هؤلاء المساكين البالغ عددهم نحو 5000 عامل يعيشون في بؤس شديد وظلم كبير تمارسه عليهم قوى الجشع التي تستورد المواد الغذائية ومختلف المواد الأخرى عبر هذا الميناء، إنهم يمثلون بامتياز  الضحية التي تحالف عليها رجال الأعمال والسلطة الحاكمة، فلك أن تتخيل أن هذا الكم الهائل من العمال لا يتوفرون على أبسط الحاجيات مثل طبيب يرافقهم نظرا لصعوبة العمل الذي يقومون به، دون الحديث عن سيارة إسعاف تقلهم في الحالات المستعجلة، أما الحديث عن تأمين صحي فمن باب المستحيلات، وإذا أردت الحديث عن زيادة أجرة شحن الطن، فمصيرك دون شك هو الطرد خارج الميناء بلا حقوق مطلقا.
 لكنَّ تجلياً من تجليات عظمة الشعوب عندما ترفع صوتها عاليا ضد الظلم، ضد القهر، ظهر في الأيام الماضية عندما خرج هؤلاء المغلوبين على أمرهم رفضا لظلم من حمل السلاح يوما بحجة مكافحة الظلم ، لكنه هذه المرة مارس الظلم نفسه مدعوما من قبل أباطرة المال العام - مجموعة رجال الأعمال الذين تحالفوا مع السلطة ضد المواطن الفقير - .
ليس عمال الميناء وحدهم من يعاني، أبدا. هناك عمال شركة (سنيم) الذين هددوا بالدخول في إضرابات إذا لم تتجاوب الشركة مع مطالبهم المختلفة والتي على رأسها زيادة الأجور،وقد أودع عمال الشركة عريضة مطلبية تتضمن العديد من النقاط التي يرونها ضرورية لتحسين ظروفهم ، وكمثال آخر على عظمة ونجاعة الإضرابات والمظاهرات لنيل الحقوق استجابت لمطلبهم المتمثل في زيادة الأجور في اجتماع إدارتها الأخير، ، وكانت مجموعة من عمال الشركة قد نظمت مسيرة راجلة من ازويرات الى نواكشوط للمطالبة بترسيم كافة عمال الجرنالية وفصل ارتباط عملهم بشركات المقاولة من الباطن التي تسومهم الويل والمهانة........
في نهاية الجزء الأول على العمال أن يدركوا أن الحقوق لا تنال بالخنوع والسكوت بل بالمظاهرات المشروعة والإضرابات والوقفات التي تتماشي مع ما ينص عليه القانون ، فالدستور الموريتاني يكفل لكل فرد حقه ولكن ليس ذلك الفرد الذي يرضى بالظلم والمهانة هو من سيحصل على تلك الحقوق و آخر مثال على ذلك هو "حمالي" الميناء الذين انتفضوا رفضا للظلم والتهميش فكان أن اتق على تحقيق مطالبهم ولهم أن يفخروا بذلك لأنها ليست منة ولا عطاء من أحد. من جانب آخر على أرباب العمل أن يدركوا هم أيضا أن أعمالهم متوقفة على الجهد المبذول من قبل العمال اليدويين وأن الظلم لا يمكن أن يدوم مهما تم تأجيله بإسكات البعض بالعطايا ورشوة البعض الآخر بالمناصب والهدايا .

من أشهر المقولات التي تتعلق بالعمال مقولة كارل ماركس الشهيرة " يا عمال العالم اتحدوا"

ميثاق من أجل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحراطين.



السفير محمد سعيد ولد همدي

الجمهــورية الإسلامية الموريتانية
شرف - إخاء - عدالة
مــــيـــــــــثــــاق
من أجل الحقوق السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية للحراطين ضمن موريتانيا الموحدة ،العادلة والمتصالحة مع نفسها.
نواكشوط بتاريخ 29 ابريل 2013
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى : "تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون "  صدق الله العظيم
(I قضية لحراطيـــن:الإقصاء المستمر
على الرغم من مضي أكثر من نصف قرن منالاستقلال ،لا تزال موريتانيا (الدولة المتعددة الأعراق والثقافات بامتياز)تواجه تحد حقيقي متمثل في افتقارها إلى عقد اجتماعيجاد ومؤسس على قاعدة الانتماء المشترك لأمة موحدة.  فواقع وتاريخ البلد يكرسان في جميع مراحلهما ،إقصاء سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ممنهجالشرائح عريضةمن السكان ؛وذلك على أساس الأصول أو التصنيفالاجتماعي. وبالأخص لحراطين ـ المكونة الرئيسية للشعب الموريتاني و التيتزداد أهميتها باضطراد ـ لا يزالون يواجهون ،أكثر من أية فئة سوسيو- أثنية أخرى ،الظلم اليومي وانسداد الأفق وانعدام الفرص ،فضلا عن الممارسات الراسخة للدولة الموريتانية الحديثة والرامية إلى استغلالهم وتقزيم دورهم وإبقائهم في وضعية مهينة كمواطنين من  الدرجة الثانية.                                                                               
 عـلى المستوى الرمزي ،يعد الانتماء للحراطين وصمة عار ،تمثلت في أن  بعض أوساط هذه المكونة  يجدون في أنفسهم حرجا كبيرا في الإقرار بأصولهم،ناهيك عن الاعتزاز أو حتى القبول بها.
لذا فإن كسر الدائرة المفرغة لهذه المكابرة المخضبة بالاحتقار و النظرة الدونية ،والتي أدت إلى واقع منالغبن الممنهـج ،لن يتأتى إلا عبر إعادة تأسيس الجمهورية على قاعدة التقاســم الحقيقي للسلطة والثروة بين كافة أبناء البلد ؛وهو مطلب بات يفرض نفسه أكثر من أي وقت مضى باعتباره السبيل الوحيد للخلاص من هذا الحيف المستديم الناتج عن تاريخ مريرممتد على مدى قرون ،لكنه ما يزال شاخصا أمام أعيننا حتى اليوم.
في واقع الحياة اليومية ،نلتمسالمظاهر الجلية لتهميش لحراطين بشكل بديهي ومنتظم. ولا يقتصر الأمر على الحريات الفردية والاكتفاء الذاتي الجماعي فحسب ،بل يتعداهما إلى القصور الحاصل في الولوج إلي ميادين التعليم والخدمات الاجتماعية الأساسية الأخرى وبالأخص حين يتعلق الأمر بالثروات الوطنية والحضور داخل هرم السلطة السياسية و الادارية.
وتظل الحالة العامة لهذه المكونة موسومة بالاستعباد ومخلفاته المتمثلة في التهميش والفقر المدقع ،في ظل عدم الاهتمام واللامبالاة من لدن السلطات العمومية.
 فممارسة الاسترقاق ما تزال حقيقة ثابتة في موريتانيا ما بعد الاستعمار و حتى يومنا هذا، بالرغم من النفي الرسمي وشبه الرسمي للظاهرة. وعلى الرغم من صدور قانون تحريم العبودية سنة 1981 ،و الذي لم يغير شيء في الواقع المعاش للحراطين ،واصلت الأنظمة السياسية المتعاقبة في البلد تبنيها لمواقف ملتبسة ،تتأرجح بين الإنكار والتحرج أحيانا ،والتهرب واللامبالاة أحايين أخرى ،قبل أن توافقالحكومة الموريتانيةفي سنة 2007 ،بشكل متخاذل وينقصه الصدق ،على سن قانون يجرم الممارسات الإستــرقاقيـة.       
فعلى الرغم من النواقص الجمة في هذا النص القانوني ،إلا أنه يذكر له تجريم الظاهرة نظريا ،دون أن يكون لذلك التجريم أي أثر  تطبيقي فعلي على أرض الواقع لانعدام جدية السلطات في تطبيقه. ولا أدل على ذلك من كثرة الشجار والمشادات الكلامية التي حصلت في كافة الجلسات بين اللجنة الوزارية المكلفة بشرحهمن جهة ،وهيئات المجتمع المدني من جهة أخرى.       
 وبالموازاة مع هذا التطور المحتشم ،ترسخت أشكال جديدة من هدر الكرامة والاستعباد الحديث. لقد تزايدت مجموعات لحراطين المحشورين في جيوب الفقر المدقع :سكن غير لائق بداخل أعرشة بائسة ،مركونة إلى جانب الأحياء الراقية بنواكشوط حيث يتكدسون على بعضهم البعض في حالة من الاكتظاظ والاختلاط غير اللائقين. وعلى مستوى الحواضر الكبرى ،يعيش معظم أفراد هذه الشريحة داخل "الكبات" )أحياء الصفيح(والأحياء الفقيرة التي يشكلون جل سكانها.   أما أولئك الباقون في الأرياف على مرمى حجر من أسيادهم القدامى ،فيعيشون بالبادية في أماكن معزولة )آدوابه(تحت رحمة الفقر والبطالة والجهل ،ويقع جلهم ضحية لمغريات الانحراف عند قدومهم إلى المدن.
على المستوى الديمغرافي ،يمثللحراطين ما يناهز 50%من مجموع سكان البلد ،ومع ذلك لا يزالون الفئة الأكثر تهميشا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
إن هذه المذلة الفريدة ،الناتجة عن مصيبة الاسترقاق على مدى قرون ،تستمد ماء حياتها من إرادة نظام مولود من رحم الظلم و يتخذ من اللامساواة سلاحه النافذ في صراعه  من أجل البقاء.  
هذا الظلم المتوارث عنعادات وتقاليد اجتماعية باليةومتخلفة ،يكرس التفاوت الاجتماعي والطبقي على أساس الولادة والأصل. وقد ظل ساري المفعول في كنف الدولة الموريتانيه الحديثة  بإرادة من الأنظمة السياسية المتتالية التي أوجدت هيكلة لإدامة انعدام تكافؤ الفرص بإعادة إنتاج العقلية الهرمية  للقبيلة و إحلالها محل المنطق الديمقراطي المفترض للدولة الحديثة.
وهكذا ،وعلى مدى عقود من الزمن ،استخدم سلاح التجهيل والتهميش الاقتصادي على أوسع نطاق وبلا حدود ضد هذه المكونة  من المجتمع مما أدى إلي تقزيم  دورها واقتصار جل أعمال أفرادها على الحرف المتدنية الأجـر في المدن و الأرياف.
وفي الواقع المعاش ،يجـري حـرمان أطفــال لحراطين بشكل لافت من الحصول على التعليم الـلائق ؛ويتم هدر الطفولة الصغرى في القيام بالأعمال غير المناسبة لأعمارهم ،مما يشكل دليلا دامغا على ظلم السلطات العمومية في أبشع تجلياته : ألا وهو انعدام العدالة في إتاحة فرص متكافئة  لتعليم الأطفال في الوقت الذي يفرض الواقع خيارات عكسية تماما.
وفضلا عن ذلك ،فالغياب الملاحظ للحراطين من أسلاك التوظيف بالقطاعين العمومي وشبه العمومي ،ناتج عن السياسات المعتمدة من طرف الدولة الموريتانية التي هي ريع خاص وحصري لعصابات الفساد المميزة من ناحية تكوينها الاجتماعي ،والواقعة تحت تأثير الضغط الناتج عن سيل منهمر من الطلبات الملحة للتحالف القبلي -العسكري الممسك بتلابيب السلطة.
وللأسف ،تنتهج الممثليات الدولية في موريتانيا )     (PNUD, UNICEF, OMS, UE نفس النهج الإقصائي تجاه لحراطين حيث لا تكاد توظف أي كادر أو حتى عامل بسيط من هذه الشريحة ؛ينضاف إلى ذلك الدور السلبي الذي لعبه المستعمر في إدامة ظاهرة الاستعباد واستمرارية النظام الإقطاعي القائم.
   لذا ستبوء كافة محاولات الإنعتاق بالفشل ،مادام يغض الطرف عن التخريب المتعمد للتعليم العمومي ويسد الباب أمام أية فرصة للنجاح الاقتصادي الذي هو أساس الرقي الاجتماعي.
 فخلال الثلاثين سنة الماضية ،وبفعل الرشوة والتحايل ونهب الأموال العمومية ومنح أفضلالعقارات السكنية مع احتكار شبه كامل لامتلاك الأراضي الزراعية ورخص الصيد البحري ،بالإضافة إلى تسخيرعقود وقروض المحاباة من طرف البنوك ومؤسسات الدولة لجهات بعينها ،تشكلت ثروة وطنية خاصة  وحصرية لصالح السادة القدامى دون غيره ،عن طريق استغلال الوظيفة الإدارية والسياسية الضامنة للإفلات من العقاب. وفي الوقت نفسه ،تم إهمال وتجاهل تجمعات كاملة من لحراطين داخل "آدوابه" و"الكبات" وتغييب مئات الآلاف من الأجيال المتتالية من هذه الشريحة  خارج الزمان ،في غياهب الثقوب السوداء للتجهيل والجور الغاشم.
هذه الحالة ليست وليدة الصدفة ،لكنها ثمرة للخيارات المقصودة والواعية  لقادة الأمس واليوم الذين يعجز جلهم عن إدراك معنى المشروع الوطني للأمة ،أي  المصلحة العليا للبلد ؛إذ لا يبدو أن لمعظمهم من طموح ،سوى المحافظة على القاعدة الجامدة القاضية بإعادة إنتاج امتيازات ماض ولى زمانه إلى غير رجعة.
وكنتيجة لتراكمالاحتقانات ،يطفو على السطح التمايز المتسارع للنسيج الاجتماعي لما كان يعرف سابقا  بـ"مجتمع البيظان"، والذي أصبح كيانين قائمين بذاتيهما )البيظان من جهة  ولحراطين من جهة أخرى(.  ويجد هذا التمايز مبرراته في سياق القنبلة الموقوتة المسماة "الظلم" والتي  يعلمنا التاريخ أنها تنفجر دوما بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار.
 وبناء على معاينة هذا الواقع المزري وغير المشرف للجميع ،يجب على النظام العسكري - الإقطاعي الذي يُفرِط في استخدام كافة الوسائل  من أجل إدامة سيطرة لم تعد ممكنة ،أن يعي - اليوم قبل الغد - أن ضحاياه الصامتين والمحتسبين حتى الآن ،لم يعد بإمكانهم تحمل أكثر مما كان ،وقد سئموا الصبر أللامتناهيعلى آلام سببتها أنظمة غير مسؤولة ،لا تقيم وزنا لشيء ولا تؤمن إلا بقانون الغاب.
وعلى الرغم من محورية الجدل المتصاعد  حول هذه المسألة الحيوية بالنسبة لمستقبل موريتانيا والمكتسبات الرمزية للحراك الوطني المناهض للاسترقاق ،فإن الظروف المعيشية للحراطين ـ التي تواصل انحدارا غير مسبوق ـ   تنذر بقرع أجراس نهاية النظام  الجائر وغير القابل للإصلاح ؛مما قد يؤدي ،لا قدر الله ،إلى تفجير الأوضاعمن الداخل  في وقت ما...
إن الهدف من هذه الوثيقة هو تقييم الوضع بعد مرور أكثر من نصف قرن على استقلال البلاد، كما تتجرأ على تقديم مقترحات بغية إصلاح ما أمكنفي أقرب الآجال على قاعدة المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان و حقوق المواطن ،من أجل المحافظة على السلم الاجتماعي عن طريق أوحد متمثل في نشر العدالة بين عامة الشعب. ولا يغيب عن وعي محرري هذه الوثيقة وجود أشكال أخرى من الظلم و الجور ،تتعرض لها فئاتوقطاعات واسعة من شعبنا كالفقراء ،مهما كانت أصولهم ،والطبقات المسحوقة في المجتمع ـو بالأخص فئة "لمعلمين" ـو بعض مكونات شريحة زنوج موريتانيا والنساء...الخ.
 إننا على قناعة تامة بعدم إمكانية تصور حل شامل "لقضية لحراطين" إلا في إطار مجهود شامل على درب المساواة والإنصاف المنطقي ووضع حد للإفلات من العقاب وللامتيازات القبلية التي لا تفيد إلا ثلة قليلة على حساب المصلحة الجمْعَـوية  وحتى القبلية.           
 (IIالحالة العامة:من أغلال العبودية إلي أقفاص التهميش
إن التقييم السابق واللاحق لوضعية لحراطين ،يرسم لوحة قاتمة ،بادية عليها علامات التلف بفعل الاستعباد والتهميش والظلم . وقد نخر السوس هذا الجسم الهزيل تحت وطأة القبضة الحديديةلنظام غارق في الرجعية ،غير قابل للمراجعة والنقد الذاتي ؛وبالتالي عصي على كافة أشكال المراجعات الداخلية.
وبعيدا عن الخطابات الإيديولوجية أو المتحيزة ،فإن نظرة سريعة إلي بعض الأرقام والمؤشرات  تعطينا مقياسا دقيقا وموضوعيا لهذه الحقيقة المحزنة:
v    عشرات الآلاف ،إن لم تكن مئات الآلاف من لحراطين  (التقديرات غير دقيقة في ظل غياب دراسات مستقلة  دأبت الحكومات المتعاقبة على رفضها) يرزحون تحت نير العبودية المقيتة المفروضة عليهم بحكم الولادة وبحكم الحالة الاجتماعية و الظروف المعيشية ،مع ما يلازم ذلك من تبعية وارتهان ومعاملات غير إنسانية ومهينة كالعمل القسري غير المعوض ،الاغتصاب والاستغلال الجنسي ،الفـُـرقة الأسرية ،الجهل ،الفقر، البؤس الاجتماعي والاقتصادي وانسداد  الأفق ...الخ.
v    أكثر من 80% من أصل 1.400.000 من الموريتانيين تحت خط الفقر ينتمون لشريحة لحراطين؛
v    أكثر من 85% من أصل 1.500.000 أمي في موريتانيا هم حراطين؛
v    ما يناهز 90% من المزارعين الصغار الذين لا يتوفرون على أرض نتيجة المنح التقليدي أو الاستغلال الإقطاعي والإسترقاقي لها ،هم من شريحة لحراطين؛
v    أقل من 10% من 30.000 هكتار الممنوحة قانونا والمستصلحة في ضفة النهر ،تم منحها لصغار المزارعين المحليين والباقي استحوذ عليه العشرات من الموظفين والتجار ورجال الأعمال المنحدرين في أغلبهم من ولايات غيـر زراعية؛
v    تتراوح مساحة القطعة الأرضية  الممنوحة للمزارع المحلي بين 0,25و 50,هكتار بينما متوسط تلك الممنوحة للموظف أو رجل الأعمال هي 200 هكتار؛
v    اقل من10%من 2 إلي 3 مليار أوقية من القروض الممنوحة سنويا من طرف القرض الزراعي لتمويل الحملة الزراعية هي الحصة المخصصة لآلاف المزارعين المحليين )أغلبيتهم من لحراطين(مقابل أكثر من 90% للعشرات من رجال أعمال الميدان الزراعي )المفترضين في غالبيتهم(والمنحدرين في معظمهم من أوساط ومناطق لا علاقة لها بأي ممارسة أو تقليد زراعي؛
v    أقل من 0,1% من الفيلات والمنازل الفاخرة بالأحياء الراقية في نواكشوط ،يمتلكها حراطين؛
v    أقل من عشرة حراطين حملة الشهادات من أصل 200، استفادوا من البرنامج الخاص لدمج حملة الشهادات على مستوى سهل"أمبورييه" بروصو؛
v    أكثر من 90% من الحمالين وخدم المنازل والعمال اليدويين الممتهنين لأعمال شاقة ومتدنية الأجر ،هم من شريحة لحراطين؛
v    أكثر من 80 % من التلاميذ المنحدرين من هذه الشريحة لا يكملون السلك الابتدائي وأقل من 5% منهم يكملون التعليم الثانوي؛
v    أقل من 5% من طلبة التعليم العالي هم من شريحة لحراطين وأقلية قليلة من هذه النسبة تتلقى منحا أو مخصصات للدراسة؛
v    اقل من 2% من طلبة المدارس الوطنية الكبرى )المدرسة الوطنية للإدارة - مدرسة المعادن- كلية الطب- المدرسة العسكرية لمختلف الأسلحة(ينتمون لشريحة لحراطين والحال نفسه بالنسبة للمدارس العليا الأجنبية؛
v    اقل من 10,% من الفاعلين الاقتصاديين)نساء ورجال الأعمال الكبار(ينحدرون من هذه الشريحة؛
v    اقل من 2% من الموظفين السامين في القطاعين العمومي وشبه العمومي ينتمون لشريحة لحراطين؛
v    على مستوى غرفتي البرلمان لا يوجد سوى أقل من عشرة برلمانيين حراطين من أصل 151  منتخب علىمستوى هاتين الغرفتين؛
v    أقل من 15 عمدة من مجموع 216 وأقل من %12 من المستشارين البلديينعلى المستوى الوطني؛
v    متوسط وزيران في الحكومات الموريتانية المتعاقبة خلال آخر 30 سنة والتي ضمت40 وزيرا أو ما يعادله ؛20 وزيرا من أصل 600 وزير منذ  1957 و حتى 2013؛
v    فقيه واحد معتمد مقابل المئات من الفقهاء المعتمدين؛
v    عشرات الأئمة من لحراطين مقابل الآلاف من الأئمة المعترف بهم والمعتمدين رسميا؛ 
v    2 أمينان عامان لوزارات أو مؤسسات مشابهة مقابل 40؛
v    1 والي من أصل 13؛
v     1 إلي 2 حاكم من أصل 55؛
v    1 إلي 2 رئيس بعثة دبلوماسية من أصل 35؛

v    3 إلي 4 مدراء عامين لمؤسسات أو شركات عمومية من أصل140 ؛
v    2 رئيسان لمجلس إدارة لمؤسسات عمومية من أصل140 ؛
v    أقل من50طبيبا من أصل يزيد على  600 ؛
v    ما يناهز 100 مهندس من أصل يزيد على 700 ، و مع ذلك أقل من 2%  من المهندسين العاملين في الشركات أو المؤسسات الوطنية الكبرى ) سنيم ،ميناء نواكشوط المستقل ،صوملك ...الخ.)  هم من شريحة لحراطين؛
v    أكثر من 90%من حملة الشهادات العليا المنتمين إلى شريحة لحراطين والمترشحين للمسابقات الوطنية ،يتم إقصاؤهم في المراحل النهائية عن طريق المقابلات الشفهية؛
v     ترغم الغالبية العظمى من لحراطين حاملي الشهادات على الهجرة أو التغيير الوظيفي أو مزاولة المهن المتدنية الأجر والمتعبة  )معلم ، مرشد سياحي ،العمل المؤقت ...الخ).
v    صفر رئيس أو مدير بنك أو شركة تأمين أو شركة مالية أو إذاعة أو تلفزة من ضمن العشرات من المؤسسات التي لها نفس الطبيعة؛
v    اقل من 20 أستاذ جامعي من أصل يناهز 300؛
v    6قضاة منأصل  يزيد على 200؛
v    أقل من 10 مفوضي شرطة من أصل يزيد 140 ؛
v    أقل من 10 دبلوماسيين مقابل ما يزيد على 150 ؛
v    10 إداريين مدنيين من أصل يزيد على 200؛
v    أقل من 40 ضابط سامي من أصل يزيد على 500 ؛ ويمثل الحرس الوطني مثالا للتمييز الانتقائي ضد أبناء هذه الشريحة والمتمثل في ضآلة ضباط لحراطين من مختلف الرتب داخل هذا الصنف من السلاح؛  
v    لا يوجد غير حرطاني واحد ـ وهو طبيب بالمناسبة ـ بالكاد تمت ترقيته لرتبة جنرال منذ أقل من شهر ،ليكون الوحيد  من هذه الشريحة  الذي ينال هذا الشرف من ضمن  19 جنــرالا الذين عرفتهم موريتانيا أو ستعرفهم قبل نهاية هذه السنة.
تجسد هذه اللوحة بما فيه الكفاية حالة الإقصاء والمعاناة المتجسدة في مختلف أشكال النبذ الاجتماعي والتمييز الإداري والتهميش الاقتصادي والسياسي ،زيادة على العقبات التي كثيرا ما توضع لإعاقة ترقية أبناء هذه المكونة الاجتماعية. فالكوادر النوادر المنتمين لهذه الشريحة والذين استطاعوا الارتقاء إلى مستوى النخبة الوطنية،سيجدون أنفسهم عاجلا أم آجلا  أمام سقف مسقوف يمنع تصدرهم للدوائر العليا في الدولةاللهم إلا إذا كانوا،في حقيقة أمرهم،أداة طيعة في أيادي بعض المتنفذين في النظام.
و في هذا الإطار ،فإن نظام التصفية وإعاقة الترقية المعتمد على مستوى القوات المسلحة وقوات الأمن من أجل تخفيض حضور ضباط لحراطين إلى أدنى المستويات في هاتين المؤسستين ،يكرس الطبيعة "الخصوصية" والرجعية التي تطبع توجهات المستويات العليا للقوات المسلحة التي فرضت نفسها كحارس وسيد لصرح السلطةفي آن واحد.   
فمنذ سنوات خلت ،لم يعد اكتتاب الطلبة الضباط خاضعا لمعايير الانتقاء الموضوعية إلا من الناحية الشكلية. و بغض النظر عن الضبابية التي تلف مسابقات الاكتتاب ،فإن الكثير من مستجدي المدرسة العسكرية لمختلف الأسلحة لا يتوفرون على شهادة الثانوية العامة "الباكلوريا" التي هي أدنى شهادة يسمح لصاحبها بالمشاركة في مثل هذه المسابقات. وبدل الاختيار الشفاف والمبني على معايير موضوعية ،تم اعتماد نظام المحسوبية والقبلية والزبونية وكافة أشكال الخصوصية التي تمكن من الدفع بأكبر عدد ممكن من الذرية الفاشلة لأركان النظام ومقربيهم إلى صفوف ضباط الجيش وقوات الأمن من ناحية ،ومن ناحية أخرى إزاحة أكبر عدد ممكن من المتطلعين إلى رتبة ضابط من المكونات الوطنية الأخرى ،وبالأخص مكونة لحراطين. إن هذه الحقيقة المرة تقض مضجع كل من يعيشها بشكل يومي. إنها  تشعر الكثير من المواطنين بالمساس بكرامتهم وتفقأ العيون بمجرد متابعة النقل التلفزيوني لحفل التخرج السنوي لدفعات  الضباط من المدرسة العسكرية لمختلف الأسلحة...
      في نهاية هذا النسق المشيد على الأسس الأنفة الذكر،يتم التحكم فيالمسار المهني للضباط بسلسلة من الإجراءات غير المناسبة في محيط يخيم عليه الظلم بحيث تدور الدوائر المفرغة لعملية تهميش مبرمجة.       
فتقييد الترقية وإعاقة تقدم بعض الضباط غير المرغوب فيهم تم استخدامه كسلاح نافذ وموجه بالأساس ضد الضباط من شريحة الزنوج الموريتانيين منذ المحاولة الانقلابية لحركة "أفلام" سنة 1987 و بشكل شبه معلن. وبعد أن أتت هذه المكيدة أكلها مع مطلع التسعينيات ،تمت إعادة توجيه هذا السلاح ،بشكل ماكر وخفي ،صوب ضباط لحراطين.       
                 وترجع أسباب هذه "المراجعه الإستراتيجية " التافهةإلى تقديرات بعض العقول المتخلفة التي رأت فجأة في صعود الجيل الجديد من لحراطين تهديدا رئيسيا لدوام استئثارهم بالسلطة. هذه القناة التي تصفي و تمرر مشيئة "القيادة العليا " أفضت بدورها إلى الكثير من الملابسات الخسيسة الرامية كلها إلى تقليص الحصص المسموح بها في كل مناسبة إلى حدودها الدنيا.  وكمحصلة ونتيجة لهذا التآمر المكشوف ،فالكثير من الضباط السامين اليوم ذوي مستويات جد متدنية ولم ينالوا رتبهم غير المستحقة إلا عن طريق الظلم الذي بموجبه أحيل إلى التقاعد المبكر مجموعة من خيرة الضباط وأكفئهم ـ و أغلبهم حراطين ـ عند رتبة نقيب.
             إن القوات المسلحة وقوات الأمن ليستا إلا أنموذجا للممارسات والمسلكيات التي هي دين وديدن لدى الدوائر العليا للدولة الموريتانية. و لم يقتصر الأمر على هذا الحد ،بل تجاوزه إلى التسريبات وتفشي أسرار اجتماعات "خلايا التفكير " المكلفة خصيصا بالتخطيط لتهميش لحراطين ،تنضاف إلى ذلك المواقف المعبرة أكثر من أي كلام والعبارات وزلات اللسان الفظة التي تنم عن عنصرية دفينة.
 كل هذه العناصر مجتمعة تؤكد لنا واقع موريتانيا الغريبة الأطوار ،الغامضة والمخادعة والبعيدة كل البعد عن الصورة التي تريد عكسها للخارج عن نفسها.
 ولا تمثل هذه الحقائق سوى غيض من فيض من  الأحداث والممارسات التي تعكس وتكرس واقع الدولة العرجاء...  
ويجدر بالذكر أن هذه الأوضاع تفاقمت خلال الثلاثين سنة الأخيرة التي تميزت بإفساد التعليم مع ظهور وتنامي نعرات إقصائية تمكنت من التحكم في مفاصل الدولة.
وإذا كان من المفهوم أن يخضع الولوج إلي الأسلاك العليا للدولة (أطباء ،مهندسين ،قضاة ،إداريين ...الخ.)  لمعايير أكاديمية ،فإنه يصعب القبول بالإجحاف الحاصل فـي الوظائف ذات الطابع السياسي أو حتى الإداري والتي يهمش فيها لحراطين بصفة أنكى وأشد.
وللتأكيد على ذلك، نأخذ عينة عشوائية من 140مدير أو رئيس مؤسسة عمومية أو شبه عمومية ،وستجدون أن جلهم ليست لهم من كفاءات أو أحقية في تلك المناصب سوى تفاهمات قبلية أو انتماؤهم لعصابات مافيوية تحتكر مقدرات البلد على حساب المصلحة العليا للوطن والعدالة والوئام والوحدة الوطنية.
ومن المفارقات أن هذه الشريحة ممثلة بما يناهز الــ10 برلمانييـن  من أصل151في نفس الوقت الذي يردد فيه الخطاب الرسمي على مسامعنا أن البرلمان هو تمثيل صادق للشعب ؛وفي حين أن شريحة لحراطين تمثل أغلبية ـ إما مطلقة أو نسبية ـ في كافة الدوائر الانتخابية (المقاطعات) التي يمثلها النواب والشيوخ.
ومن مظاهر الظلم الصارخ كذلك ،حالة الحكومة التي أقصت ممثلي هذه الشريحة حتى شهر دجمبر 1984 ،ومنذ ذلك الحين حددت الأنظمة المتعاقبة نسبة 2 إلى 3 مناصب حكومية لهذه الشريحة من أصــل 40 وزيرا أو وظيفة نظيرة له.
 فالفوارق صارخة...
والحالة هذه ،فان موريتانيا باتت الدولة الوحيدة في العالم التي اخترعت التمييز السلبي المعتمد على تحديد نسبة ثابتة وموغلة في الظلم للفئات المحرومة ،بينما يفترض في هذه الحالة اتباع منطقمغاير تماما يعتمد على التمييز الإيجابي...
ومع ذلك فإن الحالة الأكثر تكريسا لإقصاء لحراطين هي حالة المزارعين الصغار الذين لا يمتلكون أرضا والخاضعين لاستغلال الإقطاع والاستعباد المعتمد على تزوير قانون الإصلاح الزراعي لسنة 1983 من طرف السلطات الإدارية والقضاة باسم التضامن الطبقي ،وفي بعض الأحيان التضامن العرقي  الملفوف في عباءة الشرعية الجمهورية أحيانا ،أو تحت غطاء الفتاوي الدينية أحايين أخرى.
ومن أكثر الأمور مدعاة لعدم الاطمئنان ،فشل التعليم العمومي الذي كان يعول عليه في السابق كرافعة أساسية لترقية الأفراد وتذويب الفوارق الاجتماعية وصولا إلى المساواة الحقيقية. يجمع الكل اليوم على أن المدرسة العمومية لم يعد بإمكانها التغيير في عمق  الروابط الاجتماعية ولا تكوين مواطنين مثقفين صالحين للاندماج في موريتانيا جديدة عادلة وموحدة.
ونتج عن هذا الفشل المدوي مدرسة بمعيارين : مدرسة خصوصية للطبقات الوسطى والعليا  ومدرسة عمومية لأبناء الطبقات المحرومة والشعبية التي يشكل لحراطين غالبيتها العظمى.
وهكذا أصبحت المدرسة تؤدي رسالة معاكسة تماما لرسالتها النبيلة والأصلية ؛أي أنها بدل أن تكون وسيلة للترقية الاجتماعية وإزالة الفوارق ،أمست وسيلة لإعادة إنتاج الواقع الاجتماعي الظالم وتكريس الفوارق الطبقية القائمة ،بل وتعميقها حتى.
إن حالة الاسترقاق المستديمة ،وفشل النظام التربوي الذي نتج عنه فشل تعليمي مريع لأبناء هــذه الشريحة ،ومعاناة ساكنة الريف ،من مزارعين ورعاة  وعمال يدويين ،والإقصاء السياسي والاقتصادي ،والتهميش الممنهج للطليعة الناشئة ؛كل هذه العوامل مجتمعة جعلت من الضرورات المستعجلةاستنهاض الهمم وصولا إلى وثبة وطنية كبرى ،مدعومة بإجماع وطني واسع ،اجتماعيا وسياسيا ،من أجل إعادة تأسيس الجمهورية وبناء مشروع الصرح الوحدوي المشترك ،خدمة لأهداف التقدم والتنمية الاجتماعية.
لقد آن الأوان لإجراء حوار وطني شامل حول مسألة لحراطين من أجل التشخيص الدقيق والمتكامل لأشكال الاستعباد كمؤسسة وكحالة معيشة وكممارسة ؛وبعد ذلك جرد أشكال التهميش السياسي والاقتصادي والاجتماعي للحراطين في كافة دوائر الحياة الوطنية ؛وفي النهاية اقتراح استراتيجيات لمقاومة هذا الإقصاء المستمر ووضع السياسات والوسائل العملية الملائمة والناجعة من أجل وضع حد لهذا السباق الحثيث  نحو حافة الهاوية.
(IIIمقترحات من أجل إعادة تأسيس الجمهورية:من التهميش المبرمج إلى المساواة الحقيقية
إن التشخيص الأنف الذكر يقودنا إلى صياغة مقترحات وتوصيات في مختلف المجالات من أجل تصحيح التوازنات المختلة ورفع الظلم وتذويب الفوارق.
يمكن أن تشكل المقترحات التالية أساسا لإستراتيجية المناصرة والعمل من أجل وضع سياسات عمومية وبرامج محو وإزالة العبودية وآثارها وترقية شريحة لحراطين. وبالمناسبة ،يجب تنظيم حوار شامل في القريب العاجل ،تشرك فيه كافة وسائل الإعلام والخبراء والشخصيات المرجعية الوطنية والعلماء والفقهاء ،بغية إثراء المقترحات التالية وبثها في كافة أوساط المجتمع.
وبعد إثرائها واعتمادها ،ستشكل نتائج ومقترحات هذا الحوار قاعدة لخطة عمل حكومي هادفة إلى مقاومة كافة أشكال التمييز وعدم المساواة من اجل الوصول لاحقا إلى المساواة الحقيقية بين كافة المواطنين ومكونات المجتمع وخاصة شريحة لحراطين التي تشهد تخلفا لافتا عن ركب باقي فئات المجتمع.
إن مقاربة التمييز الايجابي التي نادت بها عدة أصوات وطنية ،يجب أن تعتمد دون تأخير.
المقترحات العملية هي كالتالي:
1.   مباشرة تشاور وطني موسع وفي أقرب الآجال ،من اجل إنجاز عقد اجتماعي حقيقي  مبني على قاعدة الانتماء المشترك  لأمة موحدة على أسس ضمان الحرية لكافة المواطنين والمساواة الفعلية فيما بينهم؛
2.   اتخاذ إجراءات عاجلة وفورية لصالح المحرومين والمهمشين في البلد ،ثممباشرة التحضير لعقد مؤتمر وطني حول العدالة الاجتماعية المبنية على الحقوق الاجتماعية والاقتصاديةوالثقافية  للمواطن  في دولة القانون؛
3.   إنشاء مناطق مختارة للتعليم في المناطق الأكثر فقرا (آدوابة) مع كافة الامتيازات المرتبطة بهذه الحالة من جودة التعليم ،ومن تأطير ومتابعة تربوية ،ومن بنى تحتية ووسائل مالية مناسبة ،ومن تقييم وتحفيز للمدرسين وللتلاميذ ولذويهم ،ومن إنشاء للكفالات المدرسية ،وإعطاء الأولوية لهؤلاء التلاميذ في الحصول على منح في مجالات التعليم المهني والعالي... إلى غير ذلك من الحوافز ووسائل التشجيع الأخرى بما في ذلك ضرورة التأكيد على اعتبار البعد الاجتماعي في دور المدرسة يكمن في صهر المجتمع... الخ.
4.    وضع خطة لمحو الأمية في البلد خلال فترة لا تتجاوز العشر سنوات مع التكفل بحق التمدرس للأطفال والمراهقينحتى سن  18 سنة مع تأمين فرصة ثانية للدراسة للحد من التسرب المدرسي؛
5.   القيام بإصلاح زراعي حقيقي وعلى نطاق واسع منفذ حسب المبادئ المعروفة : إعادة التوزيع العادل والفردي للأرض حسب مبدأ "الأرض لمن أحياها" مع التأمين القانوني للملكية وتحصينها ببنود خاصة ،وتحديث وسائل الإنتاج وزيادة الاستثمار المنتج مع وضع آليات ضامنة لتسويق ومردودية  المنتجات الزراعية...الخ.
كما يجب إدماج بعد حقوق الإنسان في كافة البرامج الهادفة إلى محاربة الأسباب العميقة للاستعباد والفقر. وفي نفس السياق ،تشكل خلاصات وتوصيات التقارير المختلفة لمجلس حقوق الإنسان للجمعية العامة للأمم المتحدة ـ و بالأخص التقرير الأخير للمقررة الخاصة حول الأشكال الحديثة للعبودية في موريتانيا ،السيدة غولنارا شاهينيان، الصادر بتاريخ 24 أغسطس 2010 ـ تشكل مساهمة ثمينة في محو الأشكال الحديثة للاستعباد وتخفيف الفقر.     
6.   التطبيق الفعلي للقانون المجرم للعبودية والممارسات المصاحبة له ،وذلك بعد مراجعته واستكماله بحيث يخول للمنظمات الحقوقية دور مؤازرة الأرقاء والشكوى نيابة عنهم باعتبارهم ناقصي الإرادة بحكم الاسترقاق والجهل مع مراجعة وتفعيل بعض الإجراءات  بإنشاء هيئة عمومية مكلفة بهذا الملف وبكافة السياسات العمومية الهادفة إلى تحقيق المساواة الفعلية مع تركيز جهودها على كشف مكامن الاسترقاق وعتق المستعبدين وإعادة تأهيلهم.
7.   إنشاء صندوق لتمويل كافة الأعمال المتعلقة بهذا المشروع ،ونشر تقرير سنوي عن حالة تطبيق هذا القانون ،مع تنظيم نقاش علني حول محتويات هذا التقرير ونشره في كافة وسائل الاعلام. إن هذا العمل الثلاثي الأبعاد يستهدف الكشف عن حقيقة الاستعباد وتحديد إطار عمل للقضاء عليه وعلى مخلفاته ،واعتماد سياسة قمعية صارمة ،وتصعيد أعمال مناهضة الإفلات من العقاب عن طريق إجراءات تحقيق ومقاضاة سليمة وتوقيف ومعاقبة المخالفين؛
8.   الشروع بدراسة جدوائية تمديد نظام التأمين الاجتماعي ليتحول شيئا فشيئا إلى نظام تأمين صحي شامل يأخذ في الحسبان الحالة الراهنة للبلد والمتميزة بوجود أكثر من 80% من الموريتانيين بدون تأمين اجتماعي. وترتفع هذه النسبة لتشمل 100% من الفقراء وعمال القطاع غير المصنف الذين لا يتوفر جلهم على الوسائل المادية لتغطية نفقاته الصحية؛
9.   مراجعة قواعد تقسيم السلطة من أجل إعطاء لحراطين نصيبا  من الوظائف العمومية  لا يقل عن 40%(بصفة علنية أو بدونها) على مستوى المؤسسات الدستورية والحكومة والإدارة والمؤسسات العمومية والمناصب السامية في الدولة (ديوان الرئيس والوزراء ،الادارة المركزية والإقليمية ،البعثات الدبلوماسية ،مشاريع التنمية ،المؤسسات الهامة في الدولة...الخ. ) ؛
10.                      وضع قاعدة تمنع شغل المنصبين التنفيذيين الأعلى في الدولة (الرئيس والوزير الأول) من طرف شخصيتين من نفس الإثنية  من أجل تشجيع تقاسم السلطة؛
11.                      الحث والتشجيع الدائم على الضرورة الملحة لحضور نائب برلماني من شريحة لحراطين على الأقل ضمن النصف الأول من اللوائح  الانتخابية في كافة الدوائر التي تتوفر على تمثيل برلماني من نائبين فما فوق ،وذلك كنتيجة منطقية للأغلبية المطلقة أو النسبية لهذه الشريحة في كافة مقاطعات البلد.

12.                      دراسة صيغ مختلفة من أجل وضع تشريع مؤسس على التمييز الإيجابي في بعض الميادين (الولوج إلى المؤسسات ومنح التعليم ،التمويل العمومي والاستثمار والولوج إلى الوظائف العمومية والمأموريات الانتخابية...الخ). وذلك على ضوء التجارب الناجحة في الدول التي واجهت تحديات مماثلة (الولايات المتحدة ألأمريكية ،جنوب إفريقيا ،الهند ،البرازيل ،ابريطانيا العظمى ... الخ).
13.                      وضع سياسات مدعومة بمكانيزمات مؤسسية وقانونية ومالية من أجل تحقيق الأهداف المتعلقة بالمساواة الحقيقية في كافة الميادين ومحاربة الفقر وتأمين متابعة عن طريق آليات تقييم ومؤشرات عددية تحت إشراف البرلمان ومنظمات المجتمع المدني ،مع ضمان الوصول إلى الفئات الأكثر تهميشا في المناطق النائية والمعزولة .
14.                      تشجيع بروز طبقة جديدة من الفاعلين الاقتصاديين والصناعيين المنحدرين من هذه الشريحة ،وذلك عن طريق تسهيل إنشاء مؤسسات مصرفية ومالية وتصريحات للصيد وقروض وتمويلات لإنشاء شركات ومصانع في المجالات الواعدة في سبيل  الحد من التهميش المستمر في مجالات الاقتصاد والأعمال حيث يغيب لحراطين ؛مما يشكل أقوى المؤشرات الثابتة والدالة على غبنهم المستديم ،علما بأن الأموال الضخمة التي تكدست خلال السنوات الماضية ،و ما زالت تتكدس في جيوب الأغنياء الجدد ،عائدة كلها إلى مصدر وحيد : ألا و هو المال العمومي المسخر لخدمة البعض بطرق أقل ما يقال عنها أنها ناقصة الشفافية والموضوعية.
15.                      تشجيع ولوج لحراطين إلى المأموريات الانتخابية ،وإلى المناصب الإدارية العليا في الدولة ،ووضع حد للتمييز الفاضح المتمثل في تلك القسمة الضيزى التي يعتمد بموجبها نسبة ما بين 1% إلى 2% من وظائف ومقدرات البلد كنصيب ثابت لنصف العدد الإجمالي لسكان البلد.
16.                      القيام بتحقيق كمي ونوعي ،تحت سلطة الدولة وبمشاركة المنظمات المختصة ،من اجل تقدير حقيقة ظاهرة العبودية ومخلفاتها وتجلياتها؛
17.                       الشروع في تنظيم حوار عقائدي كبير تشارك فيه كافة مدارس الفكر الإسلامي حول الخطاب الديني المتعلق بالعبودية ،ومراقبة نشر كتب الاجتهاد حول الرق ،وكذلك بعض برامج وسائل الاعلام العمومي (إذاعة القرءان الكريم مثلا) والتي تصب في اتجاه إدامة الممارسات العبودية وعدم المساواة بين بني البشر. كما يجب بحث دور بعض العلماء والفقهاء بصفتهم هيئة التشريع للأنظمة السياسية والاجتماعية الظالمة والذين تتعارض بعض أطروحاتهم مع تعاليم ديننا الحنيف في ما يخص قيم المؤاخاة والمساواة بين بني البشر؛
18.                      تأكيد الدور الريادي لأفراد مكونة لحراطين المؤهلين في المجالات الدينية والثقافية وتشجيع بروز ائمة وفقهاء ومفكرين وصحفيين وشعراء وكتاب من أجل تغيير الصورة النمطية ،وإظهار مساهمة هذه الشريحة في إنتاج ونشر القيم الدينية والثقافية؛
19.                      تأكيد مبدأ المساواة بين الشرائح والمواطنين بصفة واضحة ومحددة في الخطابات وفي الإعلانات السياسة العامة للحكومة وللمعارضة ،وفي خطط التنمية المختلفة وفي أولويات منظمات المجتمع المدني والشركاء الأجانب.
سيقترح مشروع ميثاق من اجل المساواة الحقيقية وضد الإقصاء والتمييز في القريب العاجل لكافة الأحزاب السياسية من أجل إثرائه واعتماده.
20.                      إعادة تأسيس سياسات محاربة البطالة والفقر باستهداف أكثر فاعلية لمناطق الفقر والفقر المدقع ،وتطبيق آليات اختيارية لصالح لحراطين مع إسناد مهمة محاربة الفقر إلى الهيئة العمومية المشار إليها في النقطة رقم 7؛
21.                      وضع برنامج خاص واستعجالي لصالح مئات الآلاف من الشباب غير المتمدرسين وبدون شهادات والذين هم ضحايا انهيار المدرسة العمومية وفقر ذويهم.
وتشكل مجالات الزراعة والصيد والمعادن والخدمات احيتاطيات كبيرة للعمل يمكن تنميتها ،بالإضافة إلى استحداث خدمة جديدة ،مدنية وعسكرية ،من أجل إنشاء عشرات الآلاف من فرص العمل.
22.                      وضع أدوات تحفيزية (تخفيضات ضريبية ،تخفيف الأعباء الاجتماعية ،تخفيف الضرائب على الربحات ،الحصول على التمويلات المصرفية الميسرة مع أسعار فائدة منخفضة ...الخ) من أجل زيادة حجم الاستثمار الخاص وتوجيهه نحو المناطق الأكثر فقرا وتشجيع خلق الثروات وفرص العمل.
23.                      وضع خطة للتكوين المهني لصالح أصحاب المهن الصغرى وعمال القطاع غير المصنف مع فتح باب التمويل العمومي والخاص أمامهم من أجل هيكلة أفضل لنشاطاتهم وتحسين إنتاجهم وزيادة مداخلهم.
24.                      إعادة النظر في حالة الشركات الوسيطة (مكتب تشغيل اليد العاملة في الميناءBEMOP) من اجل وضع حد لممارساتها المشينة والمشابهة للاسترقاق الحديث المتمثل في اقتطاع 60% من رواتب العمال ظلما وعدوانا وبدون أي سبب وجيه. لذا يجب منع هذه الاقتطاعات أو ووضع سقف لها لا يتجاوز 10%كما هو الحال بالنسبة للمقاييس الدولية أو إسناد تسيير هؤلاء العمال إلى مركزيات النقابات المهنية؛
25.                      وضع تصور لبرنامج كبير لإعادة إحياء الثروة الحيوانية ومباشرة تنفيذه لصالح صغار المزارعين والمنمين الفقراء لمنحهم قطيع من الحيوانات يتألف من (15) رأس على الأقل من مختلف الأنواع (بقر،غنم ،إبل) حسب مناطق التنمية وخيارات المستفيدين من أجل الوصول لتنمية حيوانية منتجة تزيد الدخل وتقلل الفقر.
26.                      ترقية سياسات السكن الاجتماعي من أجل تأمين سكن لائق مجهز بالماء والكهرباء للفقراء وإعطائهم فرصة للتملك.
27.                      دعم منظمات المجتمع المدني المنخرطة في النضال من أجل المساواة الحقيقية ودعم إنشاء معاهد الدراسات الإستراتيجية والإستشرافية وكذلك المراصد الموجهة لمهمة الدراسات والنشر المتعلقة  "بمسألة لحراطين".

28.                      تسهيل الظهور الإعلامي لكافة مدارس الفكر ،لرجال السياسة والمثقفين ومناضلي القضية من اجل قطيعة حقيقية مع الفكر الأحادي الرجعي والنافي للظاهرة ؛ويمنع منذ عقود أي نقاش جاد لمعرفة حقيقة الرق والتهميش ،والذي يريد التعتيم على النظام الاجتماعي الظالم رغم إضراره بالوحدة والوئام الوطنيين.
29.                      تخليد يوم التصويت على القانون المجرم للممارسات الاسترقاقية بصفته يوما رسميا للتذكر ،تسترجع فيه الأمة ذكريات الماضي وتكرم عبره ضحايا ومناهضي الرق بإنتاج ثقافي متنوع يمجد قيم المساواة والعدالة والتضامن والتآخي ومناهضة كافة أشكال التمييز.
وبهذه المناسبة ،يستحسن تنظيم حفلات تتخللها خطابات رسمية ،كما يجب تنظيم نقاشات في وسائل الإعلام ،وفي المدارس والجامعات ،وتكريم و توشيح مناضلي هذه القضية النبيلة.
30.                      استحداث سلطة عليا مستقلة ،ومدرجة في الدستور ،مكلفة بترقية المساواة الحقيقية ومحاربة كافة أشكال التمييز والتهميش ،كما ستكون لها صلاحيات التحقيق والتوقيف وحق التمثيل القضائي لكافة ضحايا التمييز والاستعباد. ويمكن لهذه السلطة العليا أن تسخر الحكومة أو أية سلطة عمومية حول أية خروقات تلاحظها ،قد تمس بمبادئ المساواة أو المعاملة المتساوية لكافة المواطنين في ما يتعلق بالولوج إلى الوظائف العمومية والمأموريات الانتخابية والتمويلات ووسائل الاعلام العمومي ...الخ. ويجب على هذه السلطة أن تحرر تقريرا سنويا يرفع إلى رئيس الجمهورية ورئيسي مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية وكذلك زعيم المعارضة الديمقراطية.و ينشر نفس التقرير في وسائل الإعلام العمومي ،وتتم مناقشته على مستوى غرفتي البرلمان.
وانطلاقا من هذا التشخيص والحقائق المبينة أعلاه ،يأتي هذا الإعلان الذي يشكل ،في آن واحد ، يدا ممدودة ونداء من اجل إعادة تأسيس مشروع سياسي وطني جديد  قوامه الإنعتاق الحقيقي لكافة المهمشين مهما كانت أصولهم   وعلى رأسهم فئة لحراطين ،والقضاء التام على كافة أشكال الظلم والغبن والتهميش التي يتعرض لها كافة المحرومين في بلادنا.هذا التهميش الذي لا يقتصر على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية فحسب ؛بل يتعداهما إلى تكبيل اطراف واسعة من المجتمع بسيكولوجية الدونيةالاجتماعية. ويهدف هذا الإعلان ،بالأخص ،إلى ترجمة وعي جديد لفئة لحراطين ،وتثمين مكتسبات النضالات السابقة التي تم خوضها منذ تأسيس حركة الحر  في مارس  1978 ،كما يهدف إلى استخلاص العبر من التجارب السابقة وتقديم مشروع نضالي جديد وجامع ،يكرس القطيعة التامة مع أنظمة الهيمنة الخصوصية  وبالذات القبلية منها ،خدمة للمصحة الوطنية العليا.
إن الحركة المدنية الكبرى المتوخاة من خلال هذا الإعلان تندرج في إطار القطيعة الكاملة مع النظام القديم المتميز بالاستعباد والإقطاع ،وكذلك فضح استراتجيات التهميش البائدة من اجل خلق الظروف المواتية لثورة اجتماعية وسياسية تحتضنها تعبئة وطنية قوية ،تتسم بالسلمية والديمقراطية  وتشمل كافة القوى السياسية والاجتماعية المنحدرة من كافة المكونات الاجتماعية وتتسامى على كافة الانتماءات المتحيزة سواء كانت ثقافية أو سياسية أو أثنية أو عرقية.
تشكل هذه الوثيقة نداء من أجل التأقلم مع الوضع الجديد ومع متطلبات المرحلة من أجل تحقيق انفراج بين مراكز القوى من ناحية ،والقاعدة العريضة للمجتمع من ناحية أخرى ،وذلك بغية تحاشي التأثيرات الضارة  للشعور المتصاعد بالاحتقان داخل البلد ،والذي لا يمكن لأي كان سبر أغواره.
إن كافة القوى السياسية الوطنية (موالاة ومعارضة) ونشطا المجتمع المدني وقادة الرأي ،وكل المواطنين المخلصين ،مدعوون لإبداء الرأي حول محتوى هذه المساهمة المتواضعة في استشراف مستقبل أفضل لوطننا.
وفــي النهاية ،ليس لهذه المقاربة من هدف سوىتحقيقالحق والحقيقةلمفهوم المواطنة الحقة المبنية علىإشاعة العدالة الاجتماعية وتجسيدالحرية والمساواة بين المواطنين وتشييد الوحدة الوطنية على أسس سليمة  وراسخة ،ناجعة ومستديمة ،عملا بمبدأ المصارحة قبل المصالحة.
"وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ،إن أريدإلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب".
صدق الله العظيم


رأيكم يهمني

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

blogtopsites'