لَسْتَ رَجُلاً
في تلك اللحظة الهادئة، اجتاحني ذلك الشعور المفاجئ، لم تكن لحظة
مناسبة شيئا ما ، كانت مليئة بالتأمل ، لحظة لا وعي، سبات عميق ، شعور لا إرادي
مبهر، كنت استحضر لحظات حاسمة مررت بها إبان تجربة فاشلة ،قاسية،لا أعرف كيف اقتحم
ذلك الشعور المقيت سكوني النادر ذاك و في فترة خواء شعوري فريدة.
استجمعت كل قواي العاطفية و
كلماتي اللطيفة، الساحرة، رتبتها في ذهني بعناية، انتظر اللحظة المناسبة لانقض
عليها في وقت لا تملك فيها مناعة ضد شعوري الجارف، لكن تلك اللحظة لم تحن، على
الأقل في ذلك التوقت المشهود، أو ربما لم أجد القوة الكافية. لقد قال زميلي إني
أضعف في اللحظات المناسبة دائما، وهكذا تفوتني الفرصة باستمرار، لقد قال لي ذات
مرة ، أنت مستودع الكلمات العاطفية لأنك لا تقدر على البوح بها أبدا، لقد جرحني
بعمق، في رجولتي، في كرامتي كعاشق.
قررت أن أدخل في تلك العملية الانتحارية اللطيفة، انتظرت كالعادة على
قارعة الطريق الأبدي الاعتيادي، مركزا على الاتجاه الذي سيطلع منه البدر، إنه بدر
الصباح الباكر، المارة يرمقونني بنظرات باردة وغريبة، قلت في نفسي لعلهم لاحظوا
وجودي في هذا المكان باستمرار، تجاهلتهم وركزت ناظري في اتجاه الشروق بثبات لا يلين، أكاد لا ترمش عيناي، لقد حزمت
أمري ، سأمطرها بمكنونات قلبي التي باتت تأرقنى.