الخميس، 16 مارس 2017

قصة قصيرة : وِجْهَة






دخل في مشادة كلامية قاسية مع حارس الساحة الثقافية الوحيدة في المدينة، لم يسمح له بالدخول، وقف في الزاوية الخارجية بعد أن باءت كل محاولاته بالفشل ، أشعل سيجارة رخيصة ثم نفث كمية هائلة من الدخان اتجاه الحارس ، و كأنه يعبر عن حنقه من تصرفه القاسي في حقه.
كانت لديه جريدة ورقية وجدها في الشارع على أحسن تقدير، يمسك بيده اليمنى إحدى دفتيها ويمسك بيده اليسرى الدفة الأخرى،  بدأ يحرك رأسه علامة القراءة في صمت.
يقلب صفحاتها، يقرأ " ... يعتزم مركز معاوية لترقية الشباب تنظيم ندوة ثقافية هذا المساء بعنوان " دور الثقافة في التنمية "، ابتسامة باهتة ترتسم على محياه، يكرر في صمت وتهكم، " دور الثقافة في التنمية " ؟!
نظر إلى الساعة صينية الصنع في معصمه، تبادر إلى ذهنه منتجات الصين الرخيصة ، سور الصين العظيم، مقارنة بل مفارقة يقول في ذهنه ، كيف لمن بنوا سور الصين العظيم أن تكون لهم منتجات بهذا المستوى من الرداءة، أسئلة أخرى تتوارد إلى ذهنه، ينتبه، إنها الخامسة و الربع، لعل الندوة بدأت الآن، خطوات متثاقلة إلى القاعة الرئيسية حيث تعقد الندوة.
 أطل برأسه، يتفحص المقاعد الواحد تلو الآخر، ستة أشخاص يجلسون بطريقة عشوائية، المنصة يغطيها رداء أخضر ، قنينتي مياه معدنية تمتلآ إحداهما حتى النصف و الأخرى أقل قليلا، علبة مناديل خاوية، و أوراق مبعثرة تبدو مخلفات لعملية تسويد غير مكتملة، المنصة ترتفع عن مستوى القاعة قليلا لكنها خالية من أي شيء مهم.
 يفتح الجريدة من جديد، يتفحص توقيت الندوة، إنه متأكد مما قرأ، عيناه لم تخذلانه. اتخذ مكانا بين اثنين يبدو أنهما يدخلان مكانا فسيحا ومكيفا لأول مرة، نظر في ساعته مطولا، مطّ شفتيه، ثم قال بصوت مرتفع و متعمد: ألم يحضر أحد بعد، أليس مكتوبا في هذه الجريدة اللعينة أن الندوة تبدأ منذ نصف ساعة مضت؟. التفت إلى الجالسين بجانبه، لم يردا بكلمة واحدة، فقط أحدهما حرك منكبيه تعبيرا عن نوع من الاستنكار أو اللامبالاة، أو لنقل أنه معتاد على هذا النوع من الأحداث.
دخل شخص من الباب الجانبي للبناية، يرتدي بنطلون جينز أزرق اللون، يضع نظارة تبدو غالية الثمن من بعيد، وضع ورقتين على المكتب الخاص بالمحاضر، أجال نظره في القاعة، انصرف مع حركة آلية من يده اليمنى ثم بدأ صوت قدميه يختفي رويدا رويدا وهو يصعد  السلالم إلى الدور العلوي.
كانت الساعة في حدود السادسة مساء عندما دخل شابين يرتدي الأول منهما " دراعة " تبدو غالية الثمن يبدو ذلك من نوع الخياطة التي تطرز جيبها، و يزيدها نوع القماش المصنوعة منه، تستطيع دون عناء أن تكتشف أنه معجب بنفسه، كان ينظر إلى القاعة باشمئزاز أو تكبر، لم يستطع " ألَمِينْ " أن يتبين من ملامحه إلا أنفه الطويل و وجنتيه البارزتين و عينين تبدوان مستديرتين من بعيد بشكل غير متوقع، أما الآخر فلم يكن إلا الشخص الذي دخل قبل ذلك بتينك الورقتين الخاليتين من أي حرف.

أفرد الورقتين ثم نظر إلى الحضور مرة أخرى وقال: لقد قررنا تأجيل الندوة إلى وقت آخر سيحدد لاحقا. وقف بسرعة ثم غادر من نفس الباب يتبعه صديقه صاحب الورقتين. تبادلنا النظرات في ذهول ثم خرجنا من الباب حيث دخلنا. تذكرت حارس الساحة الثقافية الوحيدة، أجريت مقارنة بسيطة بين الرجلين، فبدى ساعتها أنهما يشتركان في كل شيء.

الأربعاء، 8 مارس 2017

8 مارس حين تختصر الصورة كل الآلام

شعار الحملة التدوينة 
  


يحل 8 مارس كل سنة، تحتفل المرأة ويمضي هذا اليوم كباقي الأيام ، إننا لا نتذكره إلا بحلولها، تتحدث وسائل الإعلام بمختلف أشكالها ، تخرج المظاهرات، لكن وهذا هو الأهم، لا شيء تغير، بل لنقول لا شيء سيتغير طالما أن العقليات هي ذاتها، وفي الحقيقة المسألة أكثر تعقيدا من ذلك، فالمرأة " ناقصة عقل و دين ط ويبدو أنها المرأة التي تعيش في مجتمعنا فقط ، في المجتمعات المتخلفة بشكل عام الإفريقية منها والعربية.




يقول سائق تاكسي رث الثياب عركته السنين و في معرض حديث عابر، المرأة ضلع أعوج، المرأة استفسر عن رأيها ثم خالفه، المرأة لا تصلح للقيادة ( بمفهومها الأكاديمي) المرأة فقط أحضر لها ما تعده في بيتها ويجب ألا تخرج من ذلك البيت مطلقا، إنه حديث قد لا نأخذ به في وضعية مجتمعية غير هذه التي نعيش فيها، أما والحالة أننا مجتمع أميٌّ ذكوري سلطوي فحالة سائق التاكسي هذا هي تعبير مختصر عن مجتمع بكامله يطلب من المرأة كل شيء ولا يسمح لها بعمل أي شيء مع استثناءات فرضت نفسها.

تلك الاستثناءات يمكن لها أن تخلق إبداعا يعبر بجلاء عما تعيشه هذه السيدة أو تلك من ألم مكبوت، فأحيانا لا يكون الكلام ممكن أو لا يكون مجديا إن صادف وأن تكلمت إحداهن في غفلة من سلطة أحدهم الجاثمة عليها.
تكون الصورة عادة أبلغ تعبير عن الأحاسيس والآلام، فما بالكم و إن كانت تلك الصور إبداعا تشكيليا لسيدات جسدن تلك المعاناة في لوحات تشكيلية تظهر بجلاء كم أنهن تواقات لواقع أفضل.


إن ما نحتاجه ليس تخليد يوم 8 مارس بحد ذاته كل عام بقدر ما نحتاج لعمل جاد لتغيير عقلية المجتمع الذكورية التي ترى أن المرأة لا حق لها ولا رأي إنما هي آلة عليها خدمة الرجل فقط.


















روابط تدوينات مشاركة في الحملة التدوينية 


ما أعظمها "المرأة" / الشيخ الحسن البمباري




رأيكم يهمني

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

blogtopsites'