‏إظهار الرسائل ذات التسميات التعليم. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات التعليم. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 7 ديسمبر 2020

ُ لنعمل لنتعلم بلغتنا الرسمية ( حملة فيسبوكية)

 

يتكون المجتمع الموريتاني من ناطقين باللغات التالية ( العربية والبولارية والسوننكية والولفية) وينص الدستور الموريتاني في المادة السادسة منه على الآتي: ( اللغات الوطنية هي العربية والبولارية والسوننكية والولفية. اللغة الرسمية هي العربية).

مرَّ تاريخ التعليم في موريتانيا بتقلبات معروفة لدى الجميع و لدى المهتمين بشكل خاص، لقد تم تكرار ذكرها مرات عديدة ونوقشت بما فيه الكفاية، ولست في وارد ذلك الآن، إلا أن ما نعانيه اليوم من تردي في خدمة التعليم ناتج لتلك التقلبات غير المدروسة في السياسات التعليمية. لا أقدم هنا وصفة بيداغوجية تربوية لإصلاح التعليم بقدر ما أحاول التركيز على واقع أعيشه كالكثيرمن أبناء الوطن الذين اكتووا بواقع بائس جعلهم يطرحون التساؤلات التالية:

- هل اللغة العربية هي فعلا اللغة الرسمية للدولة؟

- لم يتم اقصاؤنا من المسابقات الوطنية، بسبب عدم معرفة لغة أجنبية غير اللغة الرسمية للبلد؟

- لم تتعامل المؤسسات الخدمية يوميا مع المواطنين بلغة لا يفهمونها، وحتى إن فهموها، فلم، وهي ليست لغتهم الأم.

- لم يقف الكثير منا سدا وحائلا في وجه كل ناطق بالعربية ؟

- لم نتهم كمطالبين باعتماد اللغة التي نص عليها الدستور الموريتاني، بمحاولة إقصاء موريتانيين آخرين مثلنا؟

 

أولا، تنقسم الآراء الناقدة للمطالبين باعتماد اللغة العربية لغة رسمية للتعامل اليومي إلى قسمين، قسم يرى أن اللغة العربية لا تصلح لغة للعلم وتتصف بالعجز و الجمود.

ثانيا ، قسم آخر يرى أن استخدام اللغة العربية سيقصي المكونات الموريتانية الأخرى، التي ليست اللغة العربية لغتها الأولى.

 

أما بالنسبة للرأي الأول، فأقول؛ إذا كانت اللغة العربية ليست لغة علم، عكس اللغة الفرنسية، فلم تقدمت دول لا تعتمدها ولا تعتمد الفرنسية ولا الانجليزية، روسيا والصين و اليابان وكوريا الجنوبية وإيران وإسبانيا وغيرها كثير، دول تعتمد على لغتها الوطنية في تدريس مختلف العلوم.

 

 تعمدت عدم ذكر أي دولة عربية رغم وجود المثال، لكن أليست هذه دول وتدرس بلغتها الوطنية؟ ما المشكلة إذا؟! إذا كان المشكل في نظركم يعود إلى تخلف الدول العربية فتلك قصة أخرى، لكنهم لن يتطوروا بتخليهم عن لغة يعيشها أبناءهم يوميا وينطقونها بسلاسة وستكون دون شك أسهل على التعلم بها من غيرها، عكس لغة ليست موجودة في المحيط العائلي، ولا حتى المحيط الإجتماعي يتحدثها، ومعروف أن إتقان اللغة يتطلب معايشتها يوميا، دون أن أنسى الأسر الميسورة التي تبعث أبناءها إلى السنغال والمغرب لدراسة سنة لغة ليتمكنوا من ولوج السوق، سوق العمل، إذا ما مصير أبناء شعب يعيش الفقر بنسب مرتفعها في الغالب الأعم وبالكاد يستطيع إرسال أبناءه إلى المدارس أصلا، وإن فعل فقد لا يتمكن من اقتناء المستلزمات التعليمية، ناهيك عن تأجير مدرس خصوصي لتعليم لغة أخرى.

 

 أما بالنسبة للرأي الثاني المتبني لفكرة الإقصاء، فإذا كان الأمر كذلك، ألى يعتبر ما يحدث الآن إقصاء هو الآخر لآخرين لا يعرفون الفرنسية، موريتانيون لا يحصلون على العمل بحجة أنهم لا يعرفون لغة ليست لغتهم إطلاقا، أين الإقصاء ولم تتحدثون عنه إن كان الدستور نفسه يقول بأنها اللغة الرسمية كما أشرت آنفا، أليس هذا تناقضا صارخا وتجاوزا للدستور، أم أنكم جبلتم على تجاووزه و أصبح بالنسبة لكم لا شيء يذكر، كما تعود رؤساؤكم، ثم إنه إذا كانت المطالبة باعتماد لغة منصوص عليها كلغة للدولة، تعتبر إقصاءا، فليكن إذا. وما عليكم إذا إلا المطالبة بتغيير الدستور وتغيير اللغة فيه تبعا لذلك، أم أنها المصالح والاستلاب ؟!

أريد أن أشير هنا إلى أن الموضوع بالنسبة لي ليس قومية عربية ولا تعتريه أي صلة بالايديلوجيا البتة، فآخر ما أفكر فيه أمور كهذه، فأنا لا تجذبني ولا أطيق القوميين كايديلوجيا، بل إنها مجرد مطالبة بإنصاف جزء من مجتمع يقع عليه التجهيل والاقصاء بحجج واهية، وكل ذلك خوفا من أن يقول آخرون أنه تم إقصاءهم.

 

تعمدت هنا الانطلاق من النتائج الحاصلة من بطالة مرتفعة وفشل للتعليم باد للعيان، فهي مربط الفرس وحجر الرحى كما يقال، وباعتبارذلك أيضا خير دليل على الفشل الذي نتقلب فيه اليوم والناتج عما سمي ب " إصلاح التعليم " فالتركيز إذا لن يكون على تلك السياسات التعليمية بل على الواقع التعليمي اليوم ومحاولة إصلاحه ، الإصلاح الذي يعتبر أساسه الوحيد التركيز على لغة وحيدة مفهومة للجميع، دون إهمال اللغات الأخرى لكن على الأقل لا يحصر التعليم كلها بها وتقييد التلاميذ الذين ليست لهم إمكانية تعلم لغة لا تتوفر لا الشروط الاجتماعية ولا المادية بتعلمها بالشكل الذي يسمح للتلميذ التحصيل بها بامتياز.

 

إن هذه الإزدواجية التي يعتمدها المنهج التعليمي المتبع، هي المشكلة الأكبر التي تواجه التلاميذ في الابتدائية خصوصا، بشهادة المدرسين الذين قالوا ذلك في مؤتمرات وندوات كثيرة، فلا التلاميذ تعلموا الفرنسية بإتقان ولا تعلموا المواد التي تدرس بها، وفي النهاية يتسرب التلميذ نتيجة العقبة الكأداء التي تعترض تعلمه بسلاسة.

كما أنني هنا أود التوضيح أن الموضوع لا يعني مطلقا، تجاهل تعلم اللغة الفرنسية، أبدا، بل من الواجب تعلمها و تعلم الانجليزية وكل اللغات الممكنة، كل ذلك على أن يكون في مرحلة يصبح التلميذ قادرا على مساعدة نفسه وفهم متطلبات تعلم لغة جديدة، لكن لا ينبغي اعتبار عدم معرفتها عائقا أمام مواطن يبحث عن عمل في وطنه بحجة عدم معرفتها، وإلا فما فائدة اعتبار اللغة العربية لغة رسمية للدولة، فلتتم إزالتها ووضع اللغة الفرنسية مكانها، فهي الآن هي لغة الإدارة الموريتانية والسبب في إقصاء الكثير من الشباب من الحصول على عمل في وطن ضائع.

 

إلا أنه رغم ذلك كله، لا يجب إهمال مكونات المجتمع الأخرى التي قد لا تكون درست باللغة العربية، فيجب إشراكها وايجاد حل يتوافق مع الدستور، أو حل ما، توافقي، كأن يتاح العمل الإداري باللغة العربية إلى جانب الفرنسية ويسمح لكل من يريد المخاطبة وإعداد التقارير اليومية أن يقوم بذلك باللغة التي يجيدها ويرى في نفسه القدرة على الابداع بها بشكل أكبر.

 

ليس غائبا عنا جميعا أن الدولة تعيش عجزا يكاد يكون عاما، فحيثما نظرت ستجد خللا بنيويا جسيما وفي مجال التعليم بالاضافة إلى الخلل المنهجي نلاحظا خللا بنيويا، نقصا حادا في البنية التحتية وتراكما للتلاميذ في مالمدارس حيث وصلا حد يكون القسم عاجزا عن استيعاب الجميع، إذ كيف يستوعب فصلا بطول 6 متر وعرض 4 متر ما يزيد عن 100 تلميذ، كيف يمكن تعلم أي شيء في قسم بهذا الشكل، ناهيك عن الصعوبات سالفة الذكر، فإن تعلم لغة في هذه الظروف يعتبر نوعا من إهدار الوقت لا أكثر.

لنعمل لنتعلم بلغتنا الرسمية

الأربعاء، 11 مارس 2020

ضرورة تدريس مادة الاقتصاد في المرحلة الثانوية!



الناظر إلى خريطة العالم اليوم سيري الكثير من الصراعات والحروب ، سواء كانت حروبا مباشرة أو حروبا بالوكالة ، لكنها تشترك جميعا في الأهداف، بل لنقل هدفا واحدا أسمى؛ إنه الحفاظ على المصالح الاقتصادية الكبرى، و ستلاحظون كذلك أن كل دولة تستخدم ما لديها من قوة للابقاء على مصلحتها مهما كلفها ذلك، هذه الوضعية  تعطينا صورة واضحة عن الأهمية القصوى " للإقتصاد " الذي يعبر عنه بالمصالح الاقتصاية أو الاستيراتيجية الكبرى، لكن  والحالة هذه، هل سنكون على اطلاع  بخفايا هذه  الصراعات ونحن الذين نبدأ دراسة أهم مادة تربوية على الاطلاق في المرحلة الجامعية؟
إن الكثير منا يسقط في أول اختبار في وحل العاطفة الجياشة بعيدا عن الادراك الفعلى للمصالح الاقتصادية الكبرى، وتجد أحدنا يصطف مع هذا الطرف أو ذاك دون حساب للمصلحة "الاقتصادية" العليا للبلد،  وهذا ناتج عن ما يمكن تسميته " بالجهل الاقتصادي المزمن"
ومن هنا تأتي ضرورة التركيز على المفاهيم الاقتصادية عبر إدراجها ضمن المناهج التربوية من الاعدادية إن أمكن أو  في المرحلة  الثانوية على أقل تقدير، فليس من الطبيعي ألا تدرس مادة الاقتصاد التي تكتسي الأهمية المشار إليها بعاليه إلا في المرحلة الجامعية فقط.
إن المراد تدريسه هنا ليس التعمق في هذه المادة  (التخصص) بل فقط تكوين قاعدة معرفية ضرورية متمثلة في  " مبادئ الاقتصاد " من خلال التركيز على المصطلحات الاقتصادية و المفاهيم المتداولة بشكل يومي، حتى نخلق وعيا حقيقيا وتجذيرا مبدئيا لهذه التخصص الذي يشكل الأساس الذي تبنى عليه الدول.
أهمية تدريس الاقتصاد
كما أشرت سابقا  الاقتصاد هو الركيزة الأساسية للدول، وفهم هذا المقصد يعتبر أساسيا لجعل أجيال المستقبل تفهم بدقة معنى أن تحافظ على بلدك بالسعي الدؤوب للحفاظ على مصالحه الاقتصادية العليا، إذ لا يمكن لدولة أن تنهض و تنمو دون البناء على مختلف الأصعدة، ولن يتأتى ذلك دون فهم الطلاب في المرحلتين الاعدادية أو الثانوية بشكل أخص  لأهمية ذلك وطرق القيام به باعتبار أن هذه المرحلة هي السابقة على تحديد توجهات المتعلمين في التخصصات الجامعية ومن بعدها إلى سوق العمل، وسواء كان العمل حكوميا أو خاصا سيكون الخريج على اطلاع واسع على مختلف المشكلات التي تواجهه، كما أن فهمه العميق المبني على تعلمه لمختلف أفرع مادة الاقتصاد في المرحلة الثانوية سيخوله استنتاج أفضل الحلول لأي مشكلة قد تواجهه.
إن العديد من الدول تتبع هذا النهج مثل مصر ولبنان واليمن و بعض دول الخليج ، وقد كان من أهم أهداف منهج مادة الاقتصاد إطلاع المتعلم على المشكلات والقضايا التي تشغل مجتمعه وتعميق فهمه لها لمعالجتها وعقلنة سلوكه الاقتصادي مستقبلا، و تتعدد الطرق التربوية المتبعة في ذلك، فمنها من يسميه الاقتصاد المنزلي ومنهم من يسميه تدريس مبادئ الاقتصاد..إلخ، وفي كلتا الحالتين لن نخسر شيئا بل نحن من يكسب من ذلك عبر  تعليم الفرد كيف يفكر اقتصاديا واجتماعيا وكيف ينتج !
لكن كيف:
 أما عن كيفية ذلك؛ فيمكن أن يتم عبر إعداد كتاب تربوي اقتصادي  من إعداد  نخبة من اساتذة الاقتصاد بجامعة نواكشوط حيث يعهد إليهم بوضع تصور يصاغ على شكل كتاب بأجزاء أربعة ، هذا أولا، ثانيا ستكون هذه فرصة لتوفير فرص عمل لآلاف الطلبة الذي يتخرجون سنويا من كلية الاقتصاد ويذهبون إلى الشارع، فلا هم مسموح لهم بالاشتراك في مسابقة اكتتاب اساتذة الرياضيات ولا أساتذة الفيزياء ولا هم وفرت لهم فرص عمل أخرى بديلة، والمنفذ الوحيد لهم هو المسابقات التي تجريها الدولة لاكتتاب اداريين وماليين والتي تجرى غالبا كل ثلاث سنوات أو أكثر.
وبشك عام سيتجاوز الطلبة إلى المرحلة الجامعية وهم على اطلاع تام بماهية العديد من المصطلحات  والمواضيع التي يتم تداولها يوميا من قبيل ؛ التنمية، الاقتصاد الكلي، الاقتصاد الجزئي، الناتج المحلي الاجمالي ، الموارد الاقتصادية الطبيعية، البطالة (الأشكال والأنواع) ، الإنتاج، الدين العام، التنمية المستدامة، التضخم بأنواعه، الاستثمار، مشكلة الندرة ...إلخ
و لقد حملت مادة الاقتصاد أسوة بباقي المواد مجموعة من الأهداف التي تؤمن للمتعلم المفاهيم والمبادئ التي تساعده على فهم ما يدور من حوله، كما تسهل مسيرته التخصصية في الجامعات ولا تقف عند هذا الحد إنما تساهم في تغيير سلوك دارسها من خلال ترشيد تصرفاته عند أول مشكلة تواجهه في وظيفته مستقبلا ، زد على ذلك أنها تجعل المتعلم مطلعا على مشكلات مجتمعه، الاجتماعية والاقتصادية و العمل على معالجتها بموضوعية من خلال الفهم العميق الذي اكتسبه من خلال دراسته لهذه المادة، وكل هذا من شأنه أيضا أن يساهم في عقلنة سلوكه كفرد ، كما يساعده على تنشيط تفاعله واندماجه الاجتاعي  وتجعله واعيا لاختيار النشاطات التي تسهم في تنمية وطنه.

السبت، 13 أكتوبر 2018

مأزق الإختيار.. أن تكون طبيبا لا أديبا



منذ سنوات خلت، كنت من بين مجموعة طلاب متفوقين، متجاوزين سنتها من السنة الثالثة إعدادية إلى الأول ثانوي، كانت نتائجنا متساوية في المواد الأدبية ومواد أخرى كالرياضيات والعلوم، ثم إنه حينها كان الطالب يوجه إما إلى التخصص الأدبي أو العلمي بناء على تلك النتائج، و نتيجة لذلك حُوِّلنا إلى التخصص العلمي و غني عن القول أن ذلك دون إرادتنا، لكن تلك المسألة كانت أكثر تأثيرا علي شخصيا و لا يمكنني الجزم على أصدقائي ساعتها لأنه على الأقل لم يصرح أحدهم بذلك لي. لا ألوم من قام بذلك، فالعقلية السائدة هي تفضيل التخصص العلمي على الأدبي، حيث أن كل الموجّهين إليه (الأدبي) هم أصحاب المعدلات المتدنية و ضعيفي الفهم. إنني أتحمل المسئولية أو لعل المحيط يتقاسمها معي وهو  الذي لم يساعدني على اتخاذ قرار كان ليكون مختلفا فيما لو فضلت التخصص الأدبي الذي كنت أهواه أكثر من العلمي بفعل كتب و مجلات ووقصص كنت أقرأها آنئذ.
ذكرت أعلاه أن الثقافة السائدة حينها - ولا تزال - هي تفضيل التخصص العلمي على غيره ولعل الشواهد المتعددة التي رأيناها لاحقا تثبت ذلك. ففي يونيو 2012 و خلال مقابلة للجنرال محمد ولد عبد العزيز مع صحيفة فرنسية قال فيها ما مضمونه أن موريتانيا ينقصها المهندسون وأصحاب التخصصات الفنية والحرفية فيما آلاف الشباب متخصصون في القانون والآداب و الشعر (على اعتبار أن الشعر علما يدرس في الجامعة)، ثم يعود في مارس 2017 ليقول إن " المنظومة التعليمة كانت حتى وقت قريب تخرج أكثر ما تخرج ذوي التخصصات الأدبية و العلوم الإنسانية و علوم الشعر". و كان وزير التهذيب الوطني قد قال في المؤتمر الصحفي الخميس 11/10/2018  أيضا ما مضمونه أو ما يوحي بأن الطلاب عليهم الالتحاق بالمعاهد الفنية حيث يقول " أن التسجيل ما يزال مفتوح في بعض مؤسسات التكوين الفني العالي و التي تعطيها الحكومة الأولوية " هذه التصريحات المتماثلة من المتحكمين في السلطة تظهر بجلاء الخلط المَرَضِي و العقدة النفسية من التخصصات الأدبية، إنهم للأسف عاجزون عن إدراك أهمية التخصصات ذات البعد الإنساني باعتبارها رافعة ثقافية وحضارية للدول بشكل عام و موريتانيا بشكل خاص وهي التي يظهر يوما بعد يوم مستوى العهر الأخلاقي والسياسي الذي وصلته بفعل غياب الوعي الثقافي والأدبي وتكوين الذات على الأحتفاظ بقليل من القيم التي نحتاجها ساعة الجد.فحتى الدول الرائدة في المجال الصناعي والتقني عالميا تعتبر من بين أكثر الدول حصدا للجوائز في المجال الأدبي ككل، بل عليهم إدراك أن المشكلة لا تكمن في التخصصات ذاتها بقدر ماهي مشكلة نظام تعليمي فاشل من ساسه حتى رأسه، نظام يزرع في الطلاب تفضيل تخصصات على أخرى و يميز بين الطلبة على ذلك الأساس. وكنتيجة لتجذر هذه الظاهرة أو العقدة على الأصح أصبح لدينا ما يعرف بـ " بومباج أو Pompage " الذي هو " نفخ نتائج المتجاوزين في مسابقة الباكلوريا حتى تبدو نتائج ممتازة في حين أن صاحبها/تها قد حصل/ت على معدل عام  10 أو 11 أو 12 " و ذلك لكي يستطيعون الالتحاق بكليات الطب في تونس أو المغرب أو أي دولة أخرى تضع معايير وضوابط لولوج جامعاتها، والغريب أن من يقومون بذلك أو بعضهم شديد الإعتزاز به و كأنه أنجز مهمة في غاية الدقة و النبل، في حين نحن مدركون أنه ذاهب ليكون طبيبا دون استحقاق ولا جدارة إ أن مستواه المتدنى سيجعلوه يرتكب خطأ طبيا كارثيا مستقبلا نظرا لضعف مستواه في حين كان بإمكانه التميز في تخصص آخر سيجلب له المال الذي يحركه ويحرك أهله الذين هم من بين أهم المتسببين في هذه الظاهرة القبيحة. غير مدركين جميعا أن هذا المعدل ربما عائد إلى أن هذا الطالب فرض عليه فرضا دراسة مواد لا يجد فيها ذاته وغير متحمس لها و بطبيعة الحال لن تكون النتيجة مرضية كما يحدث دائما.
لن يتوقف العالم ولن تموت جوعا إذا لم تكن طبيبا أو مهندسا، كما يجب ألا نرهن فشل موريتانيا بكثرة خريجي التخصصات الأدبية فدولة بلا محامين ولا أدباء ولا كتاب ولا مسرحيين دولة مكسورة الجناح ولن تكون قادرة على مسايرة غيرها بجناح واحدة، هذا إذا افترضنا " أقول افترضنا " و الإفتراض يكون لظاهرة لم تتحقق بعد، أننا سننضه بهذه السياسات التمييزية في المعرفة، فإما أن تكون للمعرفة ككل قيمة أو لا قيمة لشيء، إذ أنها كُلٌ غير قابل للتجزءة و من يحاول ذلك ناقص القدرة على الحكم على الأشياء. وعوضا عن ذلك يجب إصلاح التعليم و فتح الإختيار أمام االجميع دون إرغام أو تأثير  بأي شكل من الأشكال على إرادة الطالب و لنتركه يحقق حلمه سواء كان طيارا أو أديبا وكاتبا أو مهندسا أو طبيبا أو أي مهنة كانت، لا أن نكون أعداء للمعرفة و القيم الإنسانية النبيلة، إلا أن من كان عدوا لنفسه لن تكون لديه البصيرة ولا الفطنة للحكم على الأشياء بمنطق سليم ولن يكون إلا مصرا على أن تسير دولة بمنطق تنفيذ الأوامر، لكن موريتانيا ليست ثكنة.

الخميس، 4 ديسمبر 2014

2015 سنة للتعليم بدون بني تحتية ولا كادر بشري

إعدادية موريتانية


الإهتمام بالتعليم من خلال اعلان " سنة 2015 للتعليم " مسألة سخيفة جدا، التعليم لتردّيه لا تكفيه هكذا كلمة مفصولة عن الواقع ، لتطوير التعليم ينبغي الاهتمام بمسائل ضرورية من قبيل:
- البنية التحتية التعليمية حيث تعرف المؤسسات التعليمية  أسوء وضعية ممكنة.
- توفير ظروف ملائمة للكادر البشري كله حيث لا تكاد تكفي الأجور لبدل السكن والكهرباء فما بالكم بالحاجيات الأخرى ومن هذا المنطلق لا يمكن للمدرس أن يقدم مجهودا عاليا في هذه الظروف الصعبة.
- توزيع الطلاب على فصول الدراسة بحيث يكون بالقاعة ما يناهز 20 طالبا بدل 90 طالبا، حيث أخبرني أحد أساتذة الإعدادية في العاصمة نواكشوط  أنه يوجد بالقاعة الواحدة ما قد يزيد في بعض الأحيان عن تسعون طالبا علما أن القاعة بطول 6 أمتار وعرض 4 أمتار
باب ساحة إعدادية موريتانية




- تنقية المنهج التربوي بشكل واسع وإزالة بعض النقاط الرجعية والمتخلفة
- انتقاء كادر بشري قادر على العطاء ومؤهل معرفيا
- الإهتمام بالجانب المدني التربوي للنشئ من خلال دمج التربية المدنية بشكل يوازي التربية الإسلامية مثلا ، حيث أن الصعوبات التي تواجهها موريتانيا مدنيا ليست إلا بسبب غياب التربية المدنية التي تعتبر مادة ثانوية جدا في منهاجنا التربوي.
- استدعاء جميع المدرسين المسرحين  بعيدا عن المسرحية التي يتحدث عنها النظام في هذه الفترة و إجبار الأساتذة والمدرسين على التخلي عن بيع الرصيد والإهتمام بما يتقاضون عليه رواتبهم.
- إزالة المافيا التي تعشش في وزارة التهذيب الوطني  والتي أفسدت التعليم عن آخره

لكي ينهض بالتعليم لا يكفي أن يعلن جنرال غير متعلم هكذا في خطاب عابر اعتبار 2015 سنة للتعليم دون اتخاذ الإجراءات المناسبة لذلك وهو ما يعني أن هذا التصريح لا يعدو كونه خرجة إعلامية من خرجات الجنرال البائسة.

رأيكم يهمني

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

blogtopsites'