الثلاثاء، 5 مارس 2019

البنوك الموريتانية.. ماذا جرى؟!


صورة لخبر اجتماع البنك المركزي الموريتاني حول مكافحة تمويل الارهاب وتبييض الأموال

** أشير قبل كل شيء إلى أنني سأتناول بيان أرباب العمل الموريتانيين بتدوينة منفصلة


منذ مدة أعمل على إعداد مقال شامل عن البنوك الموريتانية و دورها الإقتصادي و لا أزال في طور إعداده برغم المشاغل الجمة، إلا أن الأحداث الأخيرة أجبرتني على إعداد تدوينة قصيرة عن الموضوع. إذا والحالة هذه، ليس جديدا إن قلت أن البنوك تشكل أحد أهم الروافد و الأعمدة التي تقف عليها الإقتصادات الحرة غير المشوهة، من حيث الاستثمار المحلي و الأجنبي بنوعيه (المباشر وغير المباشر ) والتسهيلات المتعلقة بالمقيمين بموريتانيا أو الجاليات بالخارج أو أصحاب المصالح و الأعمال على مختلف أشكالهم، هذه الأدوار تتعدد وتتعقد حسب تطور البنوك و تطور خدماتها بشكل عام و اندماجها في المنظومة العالمية (النظام المصرفي العالمي).
في الأيام الماضية تم تداول خبر منع تحويل الدولار الأمريكي إلى موريتانيا، وعليه فمعاناة  البنوك الموريتانية في ما يخص تحويل الدولار ليست حديثة، بل مضى عليها عدة أشهر، حيث يصعب تحويل الدولار لكونه يمر عبر البنوك الأمريكية و الوضع لا ينطبق على اليورو بالمناسبة إذ يتم تحويله بيسر شديد و بالمناسبة المطّلع على موقع البنك المركزي سيلاحظ أنه اتخذ مجموعة من الإجراءات في الفترة الماضية كلها تصب في مجال مكافحة تبييض الأموال أضف إلى ذلك فرض الترخيص على وكالات تحويل الأموال المنتشرة لكي يمكنه مراقبتها.
حيث أن البنك المركزي الموريتاني استضاف خبراء دوليين في إطار تكوين الكوادر البشرية في البنوك الموريتانية كما قام بدورات تكوينية في نفس المجال بتاريخ (18/10/2018) تحت عنون " إدارة المخاطر ومطابقة المعايير " حيث ورد في موقع البنك ما نصه :
( أشرف محافظ البنك المركزي الموريتاني، السيد عبد العزيز ولد الداهي، على دورة تكوينية، نظمها البنك في انواكشوط على مدى 3 أيام، لصالح 150 مسؤولا مصرفيا وماليا يعملون في موريتانيا. وتندرج هذه الدورة التكوينية في إطار سعي البنك لترقية السياسة الوطنية للمطابقة في مجال مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وتهدف الدورة التكوينية إلى " تمكين المسؤولين الماليين والمصرفيين من معرفة الممارسات الجيدة لإدارة المخاطر في ما يخص مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب"؛ حيث سمحت بتكوين مسؤولي المصارف الأولية والبنك المركزي ولجنة تحليل البيانات المالية، على مدى 3 أيام، حول الدور المنوط بهم إزاء إدارة هذين الخطرين. ويتعلق الأمر بالإداريين السامين ومسؤولي المطابقة في البنوك التجارية المعتمدة في موريتانيا، وأعضاء مجلس التوجيه والتنسيق للخلية التشغيلية للجنة تحليل البيانات المالية، والمفتشين بالبنك المركزي، علاوة على مسؤولين آخرين بنفس المؤسسة.
وفي غضون الأسابيع القادمة، سيقدم المكتب الدولي الذي أشرف على هذه الدورة التكوينية، مقترحات حلول لتحسين الأداة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. يذكر أن البنك المركزي الموريتاني يبذل جهودا حثيثة لتحسين مستوى مطابقة النظام المصرفي الموريتاني للمعايير الدولية المعمول بها )


هذه الوضعية الغريبة و المحرجة في آن لاقتصاد نام بل متخلف يحاول تلمس طريقه نحو الانفتاح تشكل ضربة قوية خاصة بينه وأحد أهم العملات الدولية ثم بينه وبين دولة من أقوى دول العالم تحكمها في هذه الفترة بالذات نظرية تجارية ربحية بحتة لكل الأمور الاقتصادية حول العالم. و كانت لتكون عادية وبسيطة لو أنها داخلية فحسب لكن تأثيرها انعكس على الجميع، صحيح أن اليورو يحل بعض المشاكل لكنها ليست كلها خاصة مع العلم أن دول اليورو ذاتها تتعامل بالدولار بدرجة كبيرة جدا.
إذا والحالة هذه لابد من الإشارة إلى أن البنوك الموريتانية تتهددها مخاطر جمة ليس أقلها الخطر الأخلاقي الناجم عن عدم وفائها اتجاه عملائها و ضعف كادرها البشري عن تقديم مبررات مقنعة لمراجعيها، إذ إنه ليس لديهم - لانعدام خبرتهم - أي تفاصيل دقيقة في هذا الشأن أو لا يريدون اطلاع عملائهم عليها و ساعتها سنكون أمام خداع للزبناء،  ثم خطر آخر يتمثل في تهديد  سمعة البنوك الموريتانية، فهي تكالب عليها العامل الخارجي والداخلي المتمثل في عمليات السطو الأخيرة و الفشل في تقديم بعض مرتكبيها للعدالة لحد الساعة، ثم الخطر الأكبر  المثار حاليا والمتمثل في منع تحويل الدولار.
أشير إلى أنني زرت أحد البنوك لمتابعة بعض التحويلات بالدولار، ولضرورة مرورها بأمريكا تعذر التحويل المرة الأولى، بعد ذلك سلموني سلسلة بنوك وسيطة تبلغ أربعة بنوك، ثم بعثنا بها و بكل تفاصيل التحويل إلى البنك فلم ينجح الأمر، و عندها تمت مراسلة المصرف الأمريكي فأفادهم انه يمنع التحويل بحجج " أخلاقية  "
إذا الأزمة قديمة و ليست بالجديدة كما أسلفت، مع الأخذ في الحسبان أنه سبق  اتهام البنوك الموريتانية كونها بنوكا عائلية ولا تتوفر على المعايير الدولية المطلوبة، وفي الحقيقة قطاع البنوك في موريتانيا يشهد الكثير من الفوضى والبدائية في التعامل باستثناء مصرف او اثنين. ثم إنها  لا تعتمد معايير توظيف – غالبا – تنطلق من مبدأ الكفاءة بل من منطلق القرابة واعتبار المسألة مسألة أموال شخصية سيكون " ابن عمي " أكثر حرصا من غيره عليها، وهو ما يعني بُعدها تماما (أي البنوك) عن الكفاءة التي يجب إتباعها للوصول إلى أعلى إنتاجية ممكنة.



عميات السطو المسلح .. مخاطر جديدة على البنوك الموريتانية

#موريتانيا #الهشة

رأيكم يهمني

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

blogtopsites'