الجمعة، 30 نوفمبر 2012

الإسترقاق والانقلاب من منظور حكومة الدمى


على طول الفترة الماضية من عمرها لم تستطع الدولة الموريتانية تجاوز عدة عقبات سياسية واجتماعية كانت هي المرتكز الأساس في بقائها ضمن قاع الدول المصنفة أقل فقرا والأكثر فسادا، إذ يتفق الكثير من الخبراء والمتخصصين أن مشكلة موريتانيا لا تتعلق بمقدراتها الاقتصادية بقدر ما تتعلق بعقليات ومسلكيات إدارييها المتخلفين في الغالب والمفتقرين إلى أدنى أبجديات الإدارة، و بالعودة إلى مسببات حالتنا الراهنة يحيلنا ذلك لمشروعي القانونين الذين صادق عليها مجلس الوزراء يوم الخميس التاسع والعشرين من نوفمبر ، إذ جاء في بيانه الأسبوعي ما يلي << درس المجلس وصادق علي مشاريع القوانين التالية مشروع قانون يقضي بمعاقبة جرائم الاسترقاق والتعذيب بوصفها جرائم ضد الإنسانية، مشروع قانون يقضي بعقاب جرائم الانقلابات و غيرها من أشكال تغيير السلطة المنافي للدستور بصفتها جرائم ضد أمن الدولة >>.
بخصوص مشروع القانون الأول المتعلق بالاسترقاق نذكر هنا أن المسألة ليست سن مشاريع وغيرها ففي زمن الرئيس الانقلابي الأسبق محمد خونة ولد هيداله سنت قوانين جرمت على إثرها الممارسات الإسترقاقية وقد جند لذلك الكثير من الوسائل بما في ذلك مجموعة من "العلماء" إلا أن تلك المحاولة فشلت فشلا ذريعا بسبب أنها لم تكن عن قناعة بضرورة معالجة سلوك لا إنساني ومنافي للعقل والدين  إنما لحاجة في نفس يعقوب، لتجرم هذه الظاهرة أيضا في فترة الرئيس الانقلابي السابق معاوية ولد الطابع إلا أن ذلك التجريم ظل حبرا على ورق ساعد في ذلك اعتماد ذلك النظام الدكتاتوري على زعماء القبائل التقليديين لتدعيم بقائه  ومن المعروف أنهم الممارس الرئيس لهذه الظاهرة البغيضة، ولم يشذ الرئيس السابق السيد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله المدعوم من العسكر عن هذه القاعدة الصورية فقد شرع وجرم وكان هو أول من أعاد المبعدين الموريتانيين في الدول المجاورة لتكون القوى التقليدية كذلك بالمرصاد لكل هذه المحاولات،  على الرغم من أن  الدستور الموريتاني وفي مادته الأولى قد ساوى بين جميع المواطنين حيث جاء فيها <<....... تضمن الجمهورية لكافة المواطنين المساواة أمام القانون دون تمييز في الأصل والعرق والجنس والمكانة الاجتماعية......>>،  إلا أننا وكما تعودنا في موريتانيا ليس هناك أي قيمة للدستور ولا للقانون بل القرار هنا للقوة المادية والقبلية.
منذ بداية ظهور الحركات التي تتبنى من شعار محاربة العبودية مبدأ لها ظهر إلى العلن الموقف الحقيقي للمجتمع الموريتاني" التقليدي" من هذه الظاهرة ، ويتبين من خلال نقاش هذا الموضوع أن الكثير من الناس يعتقد بأحقيته في ممارسة هذه الظاهرة مستدلا على ذلك بآيات قرآنية وأحاديث نبوية يتضح لك أنه في الغالب لا يفهم معناها أصلا ولم يسأل عنه حتى يتبين له الحق من الباطل في هذا الشأن أو سبق أن فسر له بالطريقة التي جعلته يتمسك بموقفه، إذن المشكلة هنا فقهية بالأساس، و يفترض بالدولة إذا كانت جادة في مكافحة الظاهرة أن تجتمع بالفقهاء " المؤتمرين بأمرها"  وبالخارجين على أمرها وتطلب منهم إيضاح الموقف الفقهي الحقيقي من المسألة حتى يزول اللبس،  ولكن نتيجة لما ذكرنا سابقا تبقى القضية بأيدي القوى التقليدية المزود الأساسي لهذه الأنظمة بأسباب بقائها ولن تكون جادة في الضغط عليها مطلقا، ويرى العديد من المهتمين بهذا الشأن أن كل هذه السياسات ومشاريع القوانين  لن تجدي نفعا ما لم تدعم بآليات رادعة وصارمة في نفس الوقت بما في ذلك الجانب الفقهي، وإذا لم يكن كذلك فإن ظاهرة الاسترقاق المقيتة ستستمر بالوجود وليس مخلفاتها كما درجت العادة على تسميتها من قبل الأنظمة  المتعاقبة المناقضة لنفسها ومن جانب الغوغاء الداعمة لها التي تكرر نفس الخطاب الذي تسمعه منها.
المسألة الثانية في هذا الإطار هي تجريم الإنقلابات واعتبارها وسيلة غير قانونية للوصول للسلطة، فهذه النقطة على إيجابيتها إلا أنها مثيرة للسخرية ، ويتضح هنا أن النظام القائم لا يزال يخشى من تهديد انقلابي  على الرغم من الولاء الظاهر الذي يبديه قادة الأجهزة الأمنية و الأفرع العسكرية المختلفة ، فمن غير المنطق أن نقول أن هذا الإجراء موجه للمعارضة التي ليست لها الوسيلة لهكذا أعمال على الرغم من تاريخ بعضها في دعمه ، المثير للسخرية هنا أن رئيسا قام بانقلابين متتاليين كان ثانيهما على سلطة منتخبة نوعا ما أن يجرم الإنقلابات ويدعي بعد ذلك أنه جاء وفق انتخابات نزيهة في حين  يعلم الكل أنها مزورة أيما تزوير.
 المشكلة هنا ليست في تجريم الاسترقاق من عدمه ولا في تجريم الإنقلابات باعتبارها وسيلة للوصول للسلطة إنما المشكلة في تغيير عقليات الموريتانيين الدينية في ما يتعلق بظاهرة الاسترقاق والمدنية في ما يتعلق في كيفية الوصول للسلطة ، فمن منا يذكر أي طريقة للوصول للحكم غير الانقلابات باستثناء بعض المسرحيات الهزلية  وبذلك تكون ثقافة عند كل الطامعين في الكرسي "الغالي"، وعلى العموم يبقى مشروعي القانونين إيجابيين كسابقيهما من المشاريع ورقيا وبلا فائدة على الصعيد العملي ما لم يرفقا بآلية لتطبيقهما. 

الأربعاء، 28 نوفمبر 2012

في الغرفة

نظرت إلي باستخفاف، أو هكذا تخيلت، إلتفت إلى جانبي الآخر، بدأت تضحك، ثم تضحك، تغالب الضحك بيديها المثبتتين على فمها، الضحك يفلت منها بعنف، استدرت ناحيتها، سكتت ، لم أعلق بكلمة، فقط أواصل قراءة روايتي التي تحرك شعوري الدفين، أضحك أنا بدوري، أضحك منها، إنها لا تعرف أن هذه الرواية الجميلة تصف انحناءات جسمها بالذات، يعجبني الكاتب ،لقد رآها وعرف أني سأقابلها فأحب مساعدتي مبدئيا، لقد رسمها لي خصيصا وأوصى صاحب المكتبة أن يقدم لي هذه الرواية  هدية، عيناها بهما حول يزيدهما جميلا،احمرار مصطنع على الخدين، نظرة ماكرة تخبرك بما بعدها، شعر طويل ملفوف بخرقة حمراء تتدلى على صدرها مزينة بأشكال هندسية  يشذ عنها رسم قلب أحمر، لقد قرأت في الصفحة عشرين من كتابي أن هذه الفتاة ستغمز لي باستمرار، مالت على حتى تلامس جسمانا ،أحسست بالدفء وسرت في جسمي قشعريرة ثم رعشة لا إرادية، تململت قليلا لعلها تنزاح عني، عيون الفضوليين تلاحقني ، تلتهمني باستمرار، غيرت مقعدي ، ذهبت للوراء ، ظل كتابي يشير لتلك الفتاة ،كأنني أتحسس ثنايا جسمها الطري من جديد، أنظر بين دفتيه المواليتين ، تنطلق مني ابتسامة تعجب لا شعوريا، قفز سؤال بريء إلى ذهني، كيف وصل هذا الرجل إلى هذا المستوى من الدقة في الوصف !؟ وصلت المحطة مع نهاية الفقرة الأخيرة من الفصل الأول، نزلت، رمتني بابتسامة ساخرة زعزعت ثقتي في نفسي، إنها تختبرني، تحسست جسمي لعلي معيب ، حملتنا الصدفة إلى نفس الاتجاه، قلت ، هل سبق لك أن قرأت هذا الكتاب ، لم أنتظر جوابا ،وما علاقتها بالكتب ؟، قالت، إنه جميل جدا ، طالعته ثلاث مرات ، إن مؤلفه وصفك أنت ، في فصله الثالث، وأردفت ، هل أكملته؟، لا حتى الساعة ، سيعجبك دون شك، ضحكت بصوت عالي ، انتبهت ، أنا في الغرفة وحيد، فقط أنا والكتاب.   

الثلاثاء، 27 نوفمبر 2012

أهم نقاط خطاب محمد ولد عبد العزيز بمناسبة " عيد الاستقلال"



تابعت كباقي الموريتانيين الخطاب الرئاسي بمناسبة "عيد الاستقلال" وقد دونت النقاط الأهم في هذا الخطاب تأتيكم على شكل فقرات"
1-أنجزنا العديد من المشاريع ذاتيا
2- حسنا حياة المواطنين اليومية
3- حسنا مقدرات القوات المسلحة لتقوم بدورها
4-إصلاح الحالة المدنية لتعزيز السلم الاجتماعي
5- متوجهين لانتخابات لا صوت فيها لمن لا يملك بطاقة تعريف
6-نظمنا منتديات عامة للتعليم وطورنا التعليم العالي
7- اجتماعيا: ننتهج سياسة لمعالجة البطالة على المديين المتوسط والبعيد
8- رفعت الحكومة الحد الأدنى للأجور مابين  30%  و 10% بالنسبة للعمال الأقل دخلا والأكبر دخلا على التوالي
9- تمت زيادة الضريبة على رخص التنقيب عن المعادن
10- زيادة الرخص المخصصة للبحث عن المعادن مما زادت على إثره العائدات المنجمية للخزينة العامة
11- قمنا بمراجعة الاتفاقية مع الاتحاد الاروبي  لمراعاة مصلحة البلد مما زاد العائدات لخزينة الدولة ب 50 % وزادت العمالة على السفن الاروبية إلي ما يناهز  60% في المائة
12- تم توسيع شبكة توزيع المياه في نواكشوط و نواذيبو وكذلك مقطع لحجار  من مقطع لحشيشه
13- أدعو الأحزاب والفاعلين إلى المساهمة في نشر الديمقراطية  والتضامن والمؤازرة والسلم الإجتماعي.

52 سنة من "الإستغلال" والنهب



بحلول يوم الأربعاء الموافق ل 28 نوفمبر نكون على موعد مع تخليد ما اصطلح على تسميته بعيد الاستقلال الوطني ، العيد الذي يفترض أننا حصلنا فيه على كامل سيادتنا السياسية والثقافية والاقتصادية ، إلا أنه منذ ذلك التاريخ إلى اليوم ونحن نلحظ عدم وجود ما يسمى الاستقلال ، فمازالت كل القرارات بمختلف أشكالها تحتاج إلى موافقة من الفرنسيين خصوصا إذا ما تعلق الأمر بالحكم ومتعلقاته، يتضح ذلك من خلال الإنقلابات الكثيرة التي حطمنا فيها الأرقام القياسية والتي لم تكن لتحدث لولا مباركة السلطات الفرنسية ورعايتها إذ دأب العساكر على الإرتماء في أحضان الفرنسيين مقابل تأمين أنظمتهم الدكتاتورية والقمعية بمجملها وهو الشيء الذي أبقى الدولة الموريتانية منذ ذلك التاريخ في قاع الدول السائرة في طريق النمو ولا نستحق حتى المقارنة بأفقر الدول المجاورة لنا كما تحاول الأنظمة المتعاقبة مقارنتنا بها، كل هذا الفساد والتردي الاقتصادي والإجتماعي المستشري  لا يمكن إلا أن يكون بسبب زمرة  من أدعياء الرتب العسكرية الذين لا يجيدون إلا الانقلابات والتولي عند الزحف، بطبيعة الحال ليست قيادات العسكر هي من تتولى بصفة مباشرة عملية التسيير اليومي للدولة إنما تختار لذلك مجموعة من  المرتزقة يحملون صفة وزراء عملهم الوحيد هو تنظيم وترتيب طرق يستنزف بها العسكر خيرات هذا الشعب الجاهل في مجمله، فتجدهم في الغالب يبررون الخطوات الفاشلة التي يتخذها الدكتاتور الحاكم مهما كان والشواهد على ذلك أكثر وأبرز من أن تذكر، ولن يكون هؤلاء " الوزراء" بعيدين من النهب المنظم والمستمر منذ تلك الفترة، فالواحد منهم يغيب عقله وفكره مقابل رضا الحاكم فكان الفساد و السيبة في الإدارة الموريتانية في مختلف فروعها، فلم يسلم منها أي قطاع يمكن أن يجول في خاطرك، وأول تلك المؤسسات الفاسدة هو مؤسسة الجيش نفسها، فمن فسادها إرسال آلاف الجنود إلى الفيافي والصحاري القاتلة مزودين فيها بأدنى المواد الغذائية تكاملا ، دون أن ننسى الأجور المتدنية التي لا تغني ولا تسمن من جوع الأمر الذي حمل الكثير منهم على الفرار من الخدمة مفضلا حياة الشارع على الإهانة والمذلة والتي بلا مقابل يذكر تقريبا، أذكر أنني في الفترة الأخيرة كنت مشاركا في مسابقة تطلبت منا إجراء فحص طبي لدى مستوصف عسكري كنا نتوقع فيه الانضباط والمسؤولية فلم نتلقى إلا الإهمال والتنكيل وسوء المعاملة حتى أن مسؤول المسابقة عندما اشتكينا إليه من هذا الوضع قال لنا حرفيا " الجيش اليوم هو الذي يحكم وليس علينا إلا الطاعة والصبر" ، أذكر أننا أيضا كنا نأتي صباحا ونستمر حتى الثانية ظهرا ليمر علينا الطبيب العسكري ويقول لنا اذهبوا حتى الغد وهكذا حتى قضينا شهرا بهذه الحال، هذا مثال بسيط على تسيبهم و علاقاتهم المشبوهة فكثيرا ما جاء أحدهم بقريب له في المسابقة وأدخله وعندما نعترض يقولون لنا اسكتوا أو اخرجوا، ليس هذا إلا مثال بسيط ولك أن تتخيل ما سيقوم به المسئولين الكبار في ما يتعلق بالدولة والمصالح الكبرى التي "يتقاتلون" عليها، هذا في ما يتعلق ببعض تصرفات أفراد من الجيش كعينة بسيطة ، أما ما يتعلق بقطاعات الدولة المختلفة فحدث ولا حرج، نتناول هنا أهم قطاع يمكن أن تبنى عليه الدول، قطاع التعليم الذي حتى ولو قضيت يوما كامل وأنت تدون عن حاله فلن يجزيك، فبائس ذلك الواقع وفاشلة تلك الاستراتيجيات التي طالما صدعوا رؤوسنا بها فمرة يحولون النظام التعليمي إلى عربي ومرة أخري إلى فرنسي وأخرى لمزدوج حتى ضاع جيل كامل بسبب تلك السياسات اللامدروسة نهائيا كل ذلك والمسئولون مشغولون بملإ جيوبهم بأموال الشعب  والمظاهرات اليومية مستمرة معلنة بشكل صريح عن الوضع المزري والظالم الذي يعانيه المعلمين والأساتذة وقبل كل شيء الجيل القادم الذي سيجد نفسه ذات يوم بموضع الضحية في حين لا ينفع العلاج، ومن الأسباب الكامنة وراء ذلك سوء المناهج التربوية وعدم ملائمتها مع مستويات التلاميذ المتدنية في الغالب فحسب الأساتذة الذين إلتقيتهم أكبر مشكلة يواجهونها هي مستويات التلاميذ بحيث لا يمكن أن يستوعبوا إلا ما يناهز ال10% من الدروس المقدمة لهم فأغلبها باللغة الفرنسية ونتيجة لتدنى ما يقدم لهم منها يكونون غير قادرين على فهم دروسهم، ونتيجة لقصر فهم الكادر التعليمي لم يوفق في إيجاد الحل المباشر لكل هذه المشاكل فظن أن الحل يكمن في توزيع الوزارات  قبل ان يعود عن تلك العملية منذ سنوات، ليعود  لها مرة أخرى على الرغم من الفشل الذريع الذي يعيشه التعليم في هذه الفترة، و لم تقتنع السلطات المعنية بتغيير ذلك النهج بل عمدت الى تركيز كل الصلاحيات في يد شخص واحدا يدير ثلاث وزارات حساسة بمندوبين، غير مدركة ان جل هذه المشاكل لم تقدر كل الأنظمة المتعاقبة على حلها فكيف برجل واحد يواجه الكثير من المعوقات والمشاكل التي كان هو سببا في بعضها ووجد البعض الآخر أمامه، وتجدر الإشارة الى ان  الوزيرة السابقة نبقوه منت حابه حاولت حل معضلة المعلمين والأساتذة المفرغين العاملين في التجارة بدل عملهم فووجهت بالكثير من النقد والتشهير حتى تمكنت لوبيات الفساد من إزاحتها، كثيرة هي العيوب التي تطبع قطاع التعليم منذ مدة طويلة ولن نوفيه حقه أبدا مهما قلنا، فهذا القطاع ذا العلاقة الوطيدة بالاقتصاد الوطني لم يستطع أن يوفر لنا مخرجات قادرة على الاندماج في سوق العمل نتيجة لانفصال المقررات الجامعية في معظمها عن الواقع لنجد أفواجا من الطلاب تتخرج سنويا لتذهب الى الشارع الشيء الذي نتج عنه اقتصاد مختل يخضع في مجمله للانتماءات السياسية والحزبية فنجد الصفقات العمومية التي من المفترض أن تفتح لكل الفاعلين الاقتصاديين في البلد يتم منحها دون مناقصة أو بمناقصة صورية يتم تحديد الفائز فيها مسبقا حتى ولو كان هناك من يقدم تكلفة أقل ومدة انجاز اقصر، فموريتانيا تتميز بالفشل الاقتصادي إذ تعتبر من بين أكثر دول العالم فسادا فنجدها دائما في ذيل ترتيب دول العالم شفافية وفشل وهو ما حدا بمؤسسات الأمم المتحدة (البنك والصندوق الدوليين) التدخل لمحاولة إنقاذ الوضع الاقتصادي- على الرغم من علامات الاستفهام المثارة حولها-، فكانت نتيجة هذا التدخل عكسية ،اشتد الفساد وزاد الفقر وكثرت السرقة لكل تلك التمويلات الهائلة لتظل موريتانيا ترزح تحت وطأة التخلف والسير عكس التيار، لقد تبنى النظام الحالي في بداياته شعارات عدة منها مكافحة الفساد والمفسدين وتوسيع السجون حتى تسعهم والحقيقة هي ان كل تلك الشعارات كانت جوفاء ولا تعدو كونها وسيلة لترهيب الخصوم السياسيين وتصفية الحسابات معهم فقد أقدم على سجن العديد من الشخصيات في بداية حكمه سرعان ما تم الإفراج عنهم بوساطة من أحد الفقهاء، الشيء الذي أثار الاستغراب أولا لان من سرق مالا عاما يجب أن يحاكم حتى يطلع الشعب على جرمه  ويأخذ جزاءه الذي يستحق ثانيا والأكثر استغرابا هو ان يقوم أحد الفقهاء المفترض أنهم يدعون إلى القسط بالتوسط لهكذا متهمين  بالفساد وسرقة أموا الدولة، إنها بحق بلاد لا يكون البقاء فيها الا للأكثر قوة عسكرية او مادية وقد انعكس هذا الفساد على كل القطاعات فقبل فترة وجيزة فرض على العاصمة ان تغرق في بحر من الظلام متقطع اتضح بعد ذلك ان سببه صفقات مشبوهة قام بها بعض رجال الأعمال قصد الربح المادي السريع على حساب الشعب، والأمثلة على ذلك كثيرة جدا، ولم يسلم قطاع الصحة من مخلفات الفساد كذلك فعلى الرغم من أهميته إلا أن ذلك لم يشفع له هو الآخر، فهذا القطاع حسب أحد المهتمين يعاني من أزمة بنيوية عميقة وقد أضاع البلد بسبب ذلك الكثير من كوادره المختصين نتيجة شخصنة الأمور والتعامل مع الناس على أساس الولاء والانتماء بدل الكفاءة والخبرة، وقد ظهر ذلك التخبط إبان الكثير من الأمراض الطارئة التي يتضح عجز الحكومة عن القضاء عليها وإنما تتبع دائما سياسات ظرفية تفتقر إلى العمق والاستمرارية اللازمتين للقضاء على هذا النوع من الأمراض وليست قضية التلقيح  الأخيرة التي أودت بحيات طفلين ببعيدة في تجسيد واضح للإهمال والتسيب المسيطرين.
إن موريتانيا بوضعها وسياساتها الحالية لن تكون مستعدة لقطع خطوات اقتصادية واجتماعية وصحية الى الأمام مادامت تخضع لسياسات المصالح والزبونية التي هي السمة الأبرز للأنظمة العسكرية الانقلابية المتعاقبة على هذا البلد والتي عانى ومازال يعاني منها الكثير، ولكي تقطع موريتانيا أولى الخطوات باتجاه التقدم والنمو عليها التخلص من أصحاب النياشين المزيفة الذين لا يجيدون الا النهب المنظم ورهن موريتانيا وفق سياسات جهوية ومصلحية ضيقة لا تخدم المصلحة العامة مطلقا، ومن هنا يكون لزاما على كل موريتاني يرغب في رؤية بلده يتطور ان يقول لا للعسكر ولا لدماهم التي يحركونها من وراء الستار ولا كذلك للحرباوات التي تتلون بتلون أصحاب الأحذية الخشنة من أصحاب النياشين الفارغة.             

الخميس، 22 نوفمبر 2012

قصة قصيرة بعنوان: الوســـــــــــــــــــــــــيــم








إني أذكر تلك التفاصيل بدقة لا متناهية، حجرة ضيقة مخصصة لشخص واحد، طلاء أصفر قديم شيئا ما، بقع بيضاء تزين حيطانها الأربعة، سرير حديدي من طراز قديم، أدعم أحد أضلاعه بعود خشب، أغطيه بستائر سوداء حتى لا يظهر عليه الغرباء، عمتي الحنونة دائما ما تفاجأني بلوحات عليها رسوم أطفال رائعة، تصر أن تعلقها بنفسها على جدران غرفتي، عددها ستة، هكذا كنت أذكرها من شدة ما حدقت فيها، إني أعشقها بقوة، لقد حفظت كل تفاصيلها الصغيرة والكبيرة، أحبها إلي تلك التي بها أنا و أختي، هكذا تصورتها، كانت تعطيني كل يوم مائة أوقية، أضعها في الدرج المحاذي لسريري على اليسار، منزلنا، أقصد منزل عمتي مزدحم بأقاربنا دائما، بالأخص البنات، زوجة عمر الولود لا تنجب إلا البنات، لطالما راودني سؤال لم أجد له جواب حتى الآن، لم لا تنجب له ولد؟ سرعان ما أتراجع عن طرح هذا السؤال على عمتي فأنا لست شجاعا بما يكفي، سمعته ذات مرة يصرح بشعوره نحو زوجته بمرارة ، عمتي تقول له هذا ما أراده الله ، سيأتيك ولد قريبا فلا تجزع، إنها الأكبر بين إخوتها حنون جدا،أعطاها الله سعة من المال، هي ملاذنا الأخير حين تقسو علينا الظروف، توزع علينا اللباس وكل ما نحتاجه.
في تلك الليلة الفريدة في حياتي، أطفأت مبكرا كل الأضواء في شقتي ، نمت، أسمع أصوات طرق على الباب << طق طق طق طق >> بصوت ضعيف، من؟ لا أحد يجيب، بعد دقائق، << طق طق طق طق >> بقوة أكبر، من بالباب؟ لا جواب، انسليت من تحت ردائي الناعم بهدوء خوفا من صوته الخشن << قيز قيز قيز>> ، مشيت على رؤوس أصابعي ،وصلت للباب، من هناك؟ أهي أنت يا عمتي؟ ، لا ، أنا هدى، ألست نائمة ! لا افتح الباب هناك أمر طارئ لا يحتمل التأجيل! وما هو؟ افتح أولا تعرفه!
ضاحكة بغنج و دلال، لا شيء أحب أن اقضي معك بعض الوقت ، تعجبت وقلت لها ناظرا الى ساعتي إنها الثانية بعد منتصف الليل! وإن يكن واقتربت مني أكثر، وبدأت تتفحصني بعمق وأنا أحاول الفرار من نظراتها الغريبة المخيفة التي تلتهمني التهاما، قلت لها ألا يجب أن تذهبي للنوم !، لم تجبني، بل قالت أتعرف أنك وسيم؟ وقعت علي كلماته كالصاعقة، لم تتركني أجيبها، كل فتيات المدرسة يقلن ذلك، لقد عقد لساني ، لم أعرف بم أجيبها، انزحت جانبا محاولا التملص منها، هي تكبرني بعشر سنوات، أنا  لم اعرف ماذا تريد حقا، أفردت شعرها الطويل وتركته ينساب بنعومة على وجهي، إن ذلك الشعور مقزز،أمسكتني ثانية بقوة وضمتني ثم قالت أنت لست رجل، لن أسألها ،إنها تخيفني جدا، أمسكتني فجأة ورمتني على السرير فانكسر ضلعه الخشبي المخفي، قفز إلى ذهني عقاب عمتي الصارمة ليجتمع مع خوفي من هدي التي حيرني تصرفها، لا اعرف كيف نمت تلك الليلة ، لم استيقظ الا على مريم تنادي في الصباح، الفطور جاهز ، هيا انزلوا بسرعة، وضعت ملاءة صفراء على رأسي إنني خائف جدا، ابنة عمي لم تنزل بسرعتها المعتادة كما اعتادت أن تفعل، لعلها هي الأخرى خائفة قلت في نفسي!، تنفست الصعداء على أنها لم تنزل قبلي وترميني بتلك النظرة المقيتة، أودعت لقيمات بسرعة البرق في معدتي، وعدت إلى غرفتي، تدثرت جيدا، حينها بدأت مئات الأفكار تتصارع في ذهني في الحقيقة منذ البارحة و هي تلازمني، فلم يكن الوقت وقت لعب كما كنا نفعل، ثم قفز إلى ذهني السؤال التالي، هل حقا أنا وسيم؟ لقد قبلتني أمي يوم وداعي ، هل يا ترى لأنني وسيم؟ وماذا في ذلك،إنها أمي، لم تقول لي هذا الكلام؟ ليس لدي مرآة لأتحقق مما قالت ، إنها فقط في غرفة تلك الشريرة، ستأتي الآن ، سأطردها بعيدا، ولن تدخل على ، نمت بعد ذلك، عمتي تغادر كل صباح ،هي لا تعتقد أن لدي من الجرأة ما يمنعني من الذهاب إلى المدرسة ،لذا لم تأمرني بذلك، نحن ننفذ القوانين المنزلية حرفيا، بعد يومين، هاتف عمتي يرن ، لقد عرفت فحوى الاتصال حين نظرت إلي شزرا، وأتبعت تلك النظرة بسؤال قاسي، ألم تذهب إلى المدرسة ؟ ما هي مشكلتك؟
لم أنطق حرفا واحدا، لقد أخذت على حين غرة، ليست لدي حجة جاهزة ، أمطرتني بكل ما تعرف من كلام قاسي وجارح تعلمته من صغرها حتى الآن ،لقد خلتها ستبصق على، صعدت لغرفتي والندم والخوف يتملكانني، ليست لدي القوة لأدافع عن نفسي، أنا الآن أخشى مقابلة الفتيات في المدرسة، لقد قلن لهدى أني وسيم، قد يقفزن على كما فعلت هي، يا الله ! سيكون ذلك خطيرا سيضحك من الأولاد، لن أذهب إلى تلك المدرسة اللعينة مجددا ولتفعل عمتي ما تشاء، تكورت على نفسي واضعا رأسي بين ركبتي وأمسكهما بيدي بإحكام، وجلست في زاوية غرفتي ،بعد برهة تجولت بنظري بين جدران شقتي العتيدة كالمتسلل الخائف،رأيت لوحتي المفضلة، لطالما فتنت بها، إنها تعبر عن حبي لأختي العزيزة، انقضيت عليها وقلبتها ثم نزعتها ووضعتها أسفل السرير، لقد باتت توحي لي بالشر، عدت لوضعي المتكور في الزاوية، فجأة من جديد << طق طق طق طق >> بصوت خفيف، انزويت أكثر وبدأت أرتعش وأسناني تصطك، << طق طق طق طق >>  من جديد  بقوة أكبر قليلا، إنه نفس طرقها في المرة الماضية، لم أتحمل، صرخت بأعلى صوتي، لا لا لا، لن أفتح عنك، سأبلغ عمتي هذه المرة، انفتح الباب بقوة ، ما بك؟ مم أنت خائف، لاشيء عمتي كنت أمثل دوري في مسرحية المدرسة ! تنظر إلي بتعجب ثم تهز رأسها دون اقتناع، كنت سأخبرك أن هدى ذهبت إلى أمها فقد رزقت ببنت كالعادة، في تلك اللحظة رميت ملاءتي الوثيرة جانبا ، لقد كنت أحلم.

الخميس، 15 نوفمبر 2012

موريتانيا لم تعد مستعمرة فرنسية! حملة حركة 25 فبراير " لا للوصاية.... نعم للشراكة"


ليس جديدا إذا قلنا أن فرنسا هي المستعمر التاريخي لموريتانيا منذ محاولتها ربط مستعمراتها في الشمال الإفريقي ومستعمراتها في جنوبه مما أضطرهم إلى إيجاد صلة وصل آمنة تمكنهم من العبور إلى الجانبين ومنذ تلك اللحظة كان لا بد من احتلال الربوع الموريتانية ليتحقق لها ذلك، لكن الغريب في الأمر أنه بعد مرور اثنتين وخمسين سنة لا يزال ذلك الاستعمار متواجدا في موريتانيا وان بصفة اقل ، فلقد تحول من احتلال عسكري لآخر ثقافي حمل الأنظمة العسكرية الانقلابية المتعاقبة على التبعية العمياء لفرنسا، فبعد الجهد الثقافي الكبير الذي قام به الموريتانيون لمكافحة الغزو الثقافي الفرنسي لموريتانيا دانت الساحة الموريتانية بعد ذلك للمستعمر الأزلي الذي بدأ  تحريك الأنظمة المتعاقبة كما يحرك الشخص أصابع يديه، يدعم ذلك الدور الفرنسي المعروف في الانقلابات المتعاقبة ففي سنة 1984 أقنع الرئيس الفرنسي آنئذ فرانسوا ميتران الرئيس الانقلابي ولد هيداله على المشاركة في قمة بوجنبورا عاصمة بوروندي لأنها كانت تخطط لتنفيذ انقلاب ضده وهو ما تم بالفعل حيث انقلب ولد الطابع عليه ونحاه عن الحكم لان فرنسا لم تعد تثق في تصرفاته ونفس الشيء فعلته مع ولد الطابع وان بطريقة مختلفة هذه المرة إذ لم تعد ترى فيه الراعي الرسمي لمصالحها المختلفة ، وهذا الشيء تكرر مع الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي اتفق كل المحللين على أن فرنسا كانت على علم بما يحاك له والدليل على ذلك أن وسائل إعلامها كانت هي أول من أذاع الخبر الا أنها فضلت الصمت، فكل المعلومات التي تتسرب عقب كل انقلاب تبين لنا أن الانقلابيين كانوا على اتصال دائم بالسفارة الفرنسية وهو ما يعني التنسيق التام في هذا الشأن، بعد كل تلك الإشارات يتبين الدور الكبير الذي تقوم به فرنسا في سبيل الاستمرار في وضع موريتانيا داخل دائرة نفوذها وهو الشيء الذي يبدو ان السياسيين الموريتانيين الذين يتقاطرون على السفارة الفرنسية معظم الأوقات لا يلقون له بالا بل ويفضلون عليه الاستمرار في حضن الحامي الفرنسي لعله يحن على بعضهم يوما ويمنحه المنصب الرئاسي الذي يبدو ألا طريقة له الا عبر الرضا الفرنسي.
العالم اليوم أصبح قرية واحدة ومن غير الممكن الاعتراض على ان تكون لموريتانيا علاقة بأي بلد كان ولكن يجب أن يكون ذلك فقط  على أساس الاحترام المتبادل والمعاملة بندية تامة واحترام مصالح الآخر ،هكذا تكون العلاقات الاقتصادية السياسية والثقافية بين الدول، وبما أننا وبناء على كل ما سبق اتضح لنا أن الدولة الاستعمارية السابقة تسعى الى ما هو أكثر من ذلك صار من الواجب علينا أن نقف في وجه ذلك المسعى غير الشريف بكل ما أوتينا من قوة الكلمة ، ليس اعتراضا على تبادل المصالح المشتركة بين البلدين، بل رفضا للوصاية التي تفرضها علينا فرنسا منذ الاستقلال الى اليوم ، ويجب أن ننبه أن وضع التبعية هذا الذي نرزح تحته ارتضاه الكثير من سياسيينا "العسكريين" لبلدهم فنتيجة للاشرعية حكمهم أصبح من اللازم عليهم إيجاد من يحميهم وهم مستعدون  لرهن مصالح أوطانهم  سبيلا لإستمراريتهم.
ختاما ننبه فرنسا أن جيلا جديدا إيمانه الوحيد بدولته المسلوبة منذ 1978 لن يقبل أن تظل دولته مسلوبة منه تتلاعب بها قوى أجنبية عبر عسكريين جاهلين، وعليه إذا كانت فرنسا تبحث عن علاقات متكافئة بينها وموريتانيا فيستحسن لها البحث - ومن الآن - عن نقاط التلاقي بين مصالحها المشروعة في موريتانيا ومصالح الشعب الموريتاني الذي بدأ يرك خيوط اللعبة المتشابكة التي تنسجها المستعمرة السابقة لإبقاء موريتانيا رهينة لديها ونقول لها أخيرا لا للوصاية ........نعم للشراكة.   

الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

الفيسبوك....مبادرة المعرفة للجميع تصنع الفارق!





ليس سرا إذا قلنا أن الفيسبوك متاح لكل من هب ودب ، فالكل يفتح حسابا ويبدأ في كيل الشتائم لكل من يخالفه في الرأي ومهما كان الموضوع المختلف فيه، وتتميز هذه الفئة في كونها مجموعة من المراهقين الذين لا يدركون أو قل لا يميزون بين ماهو رأي ينبغي ان يحترم لصاحبه ويناقش فيه بعقلانية وحجج دامغة وبين ماهو غير ذلك ، فتجدهم يتقاذفون بأقذع النعوت والألفاظ بل تجد فيهم من يغذي روح الطائفية والعنصرية المقيتة كل ذلك دون رقيب أو حسيب في ظل انعدام الوازع الأخلاقي والديني، إلا أن هذا الجانب تقابله جوانب عدة لمجموعات شبابية رأت في الفيسبوك وسيلة تنويرية حديثة ينبغي استغلالها لخدمة المجتمع فنتج عن ذلك عدة مجموعات سياسية وثقافية ومجتمعية ذات أهداف نبيلة بدأت تجسدها على أرض الواقع وحازت إعجاب الكثير من الفاعلين الثقافيين في البلد، مثالنا في ذلك هو المجموعة المعروفة ب( مبادرة المعرفة للجميع التي جاءت كفكرة للسيد بوخريص ولد بلال الذي تأثر ببعض الأفكار الرائدة في هذا المجال فحاول نقلها الى وطنه من خلال يومياته (يوميات مغترب) لتولد بعد ذلك هذه المجموعة التي تضم مجموعة من الشباب الذي قرروا النزول للميدان وتفعيل هذه الفكرة فكان من أهدافها جمع ثلاثين ألف كتاب قبل عيد الاستقلال الوطني وتسليمها إلى المكتبة الوطنية لان كل من يتبرع بكتاب فهو يمنح الآخر فرصة الاطلاع عليه والعكس صحيح.
لقد استهلت هذه المجموعة حملتها بالإعلان عنها عبر الفيسبوك الذي توجد عليه صفحة خاصة بها لمن يريد التبرع بكتب لهذه المجموعة وبعد ذلك كانت فكرة النزول إلى الميدان وطرق باب مختلف الفاعلين الثقافيين، ولم ينس أعضاء هذه المجموعة أن يكونوا المبادرين فتبرع كل منهم بمجموعة من الكتب القيمة ،وقد تبرع كذلك المركز الثقافي المصري كجهة ثقافية فاعلة في الساحة الموريتانية بكمية من مجلة تصدر عنه ومن أبرز المتبرعين  من الشخصيات الثقافية الموريتانية كان السيد عبد القادر ولد محمد الوزير والأستاذ الجامعي عبر مكتبته حيث بلغ عدد الكتب التي تبرع بها ما يناهز مائة وستون كتابا ومجلة علمية، وتتنوع هذه الكتب لتضم مختلف المجالات إسلامية وأدبية ومجلات بالإضافة لعدد معتبر من الكتب باللغة الفرنسية، ولم يقتصر نشاط هذه المجموعة على ذلك بل تعداه إلى تجهيز ثلاثين تلميذا بالأدوات المدرسية بالإضافة إلى لقاء مع مدير المتحف الوطني السيد كان هاديا الذي أبدى استعداده التام للتعامل مع المجموعة ، كل هذا الجهد يبن لنا أنه لا ينبغي أن نكرس جهودنا ووقتنا على الفيسبوك للسب والشتم والأمور التي لا تخدم المجتمع، وعليه تكون هذه المجموعة  قد صنعت الفارق بالمقارنة مع الكثير من المجوعات التي اتخذت من الجانب السياسي هدفا لها تشهر فيه بمن تشاء وتقذف فيه من يخالفه الرأي، إذا من هذا المنطلق ينبغي أن يكون هناك استغلالا عقلانيا لنعمة الفيسبوك التي تتيح لك تبادل الأفكار مع أي كان وفي أي وق تشاء، بدل الخوض في المسائل الثانوية التي تثير الخلاف أكثر مما تجمع ،فالمشكلة الأساسية التي يعاني منها المجتمع الموريتاني هي تعليمية في المقام الأول والمتعلمين على قلتهم لا يمارسون هواية المطالعة الا إذا كان هناك ضرورة يفرضها امتحان او مسألة من هذا القبيل وأرجو أن يكون هناك في المستقبل القريب يوم وطني للمطالعة حتي يكون وسيلة لتشجيع الجميع على المطالعة التي تعتبر الوسيلة الوحيدة لتنمية وعي الشعوب الحضاري والثقافي.  

محاضرة عن طه حسين عميد الأدب العربي




طه حسين ناقدا، كان ذلك  عنوان محاضرة نظمها المركز الثقافي المصري يوم أمس الإثنين بقاعة المحاضرات بالمركز قدمها الدكتور محمد الحسن ولد محمد المصطفى أستاذ السرد بجامعة نواكشوط ، تقديم الصحفي جمال عمر ، وقد استهلت المحاضرة بكلمة لمدير المركز الثقافي المصري الدكتور خالد غريب أعرب فيها عن ترحيبه بالضيوف الكرام و قدم فيها كذلك تعريفا موجزا عن طه حسين ليحيل الكلمة إلى المحاضر الذي اثني في بداية مداخلته على مدير المركز منوها إلى أن المركز بدأ يشهد نشاطا حيويا منذ قدوم مديره الحالي، ثم أضاف أن العالم العربي والإسلامي بشكل عام شهد نوعا من الإنحطاط الثقافي بلغ قمته مع سقوط بغداد في حين بدأت نهضة العالم الغربي مع سقوط بغداد، وعقب على ذلك بالسؤال كيف نسترد المجد والتفوق الثقافي الذي فقدناه قبل أن يجيب عليه في نفس الوقت معتبرا ان جيل التنوير بدأ في هذا الطريق بالفعل معتبرا ان طه حسين يعتبر أحد أعمدة هذا الجيل من الناحية الأدبية إذ يعتبر من المجددين الذين حاولوا الخروج من عباءة الماضي ومحاولة بث روح جديدة في الأدب العربي خصوصا أنه قد تأثر بدراسته في الغرب خاصة فرنسا فهو قد اتبع منهج ديكارت المشكك في كل شيء حتى يصل إلى رؤية جديدة حداثية، وقد لفت الانتباه إلى أنه (أي طه حسين) لم يقنع بالمستوى التعليمي الذي حصل عليه في الأزهر الشريف بل تعداه حين سجل في الجامعة لمتابعة تحصيله العلمي ثم الى فرنسا بعد ذلك قبل ان يعود لمصر من يجدد ويعين وزيرا للمعارف ثم في جامعة الدول العربية بعد ذلك،وقد أثار طه حسين يقول المحاضر الكثير من اللغط حول أفكاره الجديدة خصوصا  أنه عبر عنها في مجتمع محافظ آنئذ مما تسبب له في الكثير من المشاكل وصلت حد المحاكمة ثم التبرئة بعد ذلك، وقد ركز طه حسين على البعد النقدي كثير وقد بنى ذلك على ثلاث أعمدة أولها المكون "المحظري" ثانيها المكون الفلسفي الذي درسه في مصر وفرنسا والثالث هو المكون التاريخي والإجتماعي، وقد ذكر المحاضر كذلك إلى أن هناك مسائل هامة ناقشها طه حسين كذلك منها قضية اتحاد الشعر الجاهلي حيث نشر كتابه المعروف( في الشعر الجاهلي) والغزل العذري الذي اعتبره غير موجود بل ان الموجود هو الغزل الإباحي الذي اعتبر سبب وجوده هو تفرغ أبناء الصحابة له إذ إنهم قد عزلوا عن الحياة السياسية ووفرت لهم رواتب مستمرة الشيء الذي أوجد لديهم وقتا للعب والمجون والمسألة الأخرى هي مستقبل الثقافة في مصر حيث ربطها بالمكون القومي والأوروبي كونها دولة متوسطية، تعقيب الإعلامي جمال عمر جاء حول مقتطفات من سيرة حياة طه حسين من خلال فقرات من كتاب سيرته الذاتية (الأيام) ركز فيها أساسا على بدايته البائسة الفقيرة الشيء الذي ولد لديه طموحا قويا للتغيير من هذا الواقع المر فهو قد أصيب بالعمى في سن مبكرة حوالي ست سنوات والصعوبات الأخرى التي واجهها فيما بعد، واختتمت المحاضرة بمداخلات للعديد من الأساتذة الذين عقبوا على مداخلة المحاضر وفي النهاية تابع الحضور فلما عن سيرة حياة طه حسين.   

  • ولد طه حسين الأديب والناقد المصري الملقب بعميد الأدب العربي  في الرابع عشر من نوفمبر 1889 في الصعيد ودرس في جامع الأزهر والجامعة الأهلية ثم في فرنسا في جامعة السوربون ثم أصبح وزيرا للمعارف سنة 1950 له العديد من المؤلفات أشهرها سيرته الذاتية التي كتبها هو "الأيام" وقد توفي في 28 أكتوبر 1973.  

رأيكم يهمني

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

blogtopsites'