الأربعاء، 17 سبتمبر 2014

أرقام سوداء من موريتانيا 2



في العادة تنتهز الأنظمة العسكرية والشموولية بصفة عامة والعربية على الخصوص جهل غالبية المواطنين، لتعلن لهم عن أرقام خيالية ، تقول إن تسييرها الإقتصادي قد أنتجها و أن البلاد مقبلة على نهضة اقتصادية غير مسبوقة. هذه الإستيرايجية – إن جازت التسمية – يتبعها النظام الموريتاني ، معلنا في كل مرة سنة عن زيادة في النمو الإقتصادية ، الذي يكذبه الواقع، فالنمو الإقتصادي الذي لا يرافقه تحسن على مستوى دخل الفرد ولا على مستوى الوضعية الإقتصادية بشكل عام لا يعدو كونها هراء يراد به التعمية على الفشل الإتصادي الذي تمثل المعلومات أسفله خير دليل عليه.
كنت قد كتبت في تدوينة سابقة بعنوان (أرقام سوداء من موريتانيا ) معلومات موثقة ومستقات من مراجعها عن حالة التردي التي يعاني منها الإقتصاد الموريتاني ، و تاليا أورد معلومات مشابهة أو أشد سوء عن وضعية الإقتصاد الموريتاني، هي المعلومات ستقات من قاعدة بيانات مجموعة البنك الدولي والتي تحمل عنوان ( ممارسةأنشطة الأعمال في موريتانيا) و فيما يلي ترتيب تلك المعلومات التي تقارن بين سنتي 2013 و 2014 ومدى التطور والإنخفاض الذي حدث خلالهما.
وقد حلت موريتانيا في ترتيب أنشطة الأعمال لسنة 2014 في مرتبة 173 في حين كانت في المرتبة 171 لذات المؤشر سنة 2013، أي بانخفاض درجتين (معدل التغير).
كل هذه المعلومات تعبر عن مقارنة بين سنتي 2013- 2014.
- المرتبة 173 على العالم من حيث " بدأ المشاريع"  
- المرتبة 123 على العالم من حيث سرعة استخراج تراخيص البناء (تراجع 8 درجات)
- المرتبة 124 على العالم من حيث الحصول على الكهرباء (تراجع درجتين)، والغريب في الأمر أننا بصدد تصدير الكهرباء لدولة السنغال ونحن نعيش وضعية مزرية .
- المرتبة 170 من حيث الحصول على الإئتمان " حصول الأفراد على القروض" (تراجع 3 درجات) ، المصارف التقليدية الموجودة عائلية في مجملها ولا تقدم قروضا للأفراد بالشكل الذي يفترض أنها تقوم به، علما أن هذا هو دورها الطبيعي.
- المرتبة 147 على العالم من حيث حماية المستثمرين ، الإستثمار في موريتانيا يعاني من ويلات كثيرة ، فمعروف أن رأس المال جبان ، أي لا يستقر في الدول التي تشهد انقلابات  (الصفة المميزة لموريتانيا) ولا الدول التي تعرف نظام قضائي غير مستقر، صفة أخرى من صفات موريتانيا، فقبل سنتين أقدم الجنرال عزيز على إقالة السيد ولد الغيلاني ـ رئيس المحكمة العليا ، تحديدا يوم 24/ 05/2012(مدونة التاسفرة) و ينص  الدستور الموريتاني المعدل 2012في المادة 89 جديدة التي جاءت مكررة للمادة 89 قديمة ، على أن " ... السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية " ، إذا من هذا المنطلق سيفكر المستثمرون كثيرا قبل دخول السوق الموريتانية.
- المرتبة 181 على العالم من حيث تأدية الضرائب، العمود الفقري للميزانية الموريتانية، ويظهر التساهل الشديد من النظام في فرض القوانية تخلف الكثير من المؤسسات خاصة المقربة من النظام تأدية هذا الواجب، بل ويستخدم الجنرال عزيز هذا الخلل للضغط على خصومه.
- المرتبة 152 على العالم من حيث التجارة عبر الحدود
- المرتبة 189 على العالم من حيث تسوية حالات الإعسار (تصفية الأنشطة التجارية، إشهار الإفلاس، استرداد الديون من المدينين) (جامدة).

تلكم هي موريتانيا التي يفتخر بها العسكر

الثلاثاء، 2 سبتمبر 2014

ماذا قدم لنا الوطن لنتمسك به ؟



موريتانيا ذلك البلد المليئ بالتناقضات، ذلك البلد الغارق في التخلف والعنصرية والفساد، ذلكم ببساطة شديدة أقل ما يمكن أن يوصف به هذا البلد المثخن بجراح الماضي البعيد والقريب، فموريتانيا التي عرفت أحكاما عسكرية متعاقبة عجزت لحد الساعة عن إيجاد قاعدة مشتركة ، صلبة ومتينة تستطيع فئات هذا الشعب اتخاذها مرجعية تتكاتف حولها، فلا يخفى على أي كان ملاحظة أن غالبية  "عنصر البيظان" (غير المتعلم وبعض المتعلمين) يرى أن الزنوج ليسوا إلا دخلاء على هذه الأرض وينبغي إعادتهم من حيث أتوا، لن تجادلني أيها القارئ الكريم، فهذا واقع بالنسبة للكثير من الموريتانيين و إن كان يحاول إخفاءه بعبارات رنانة سرعان ما تنكشف عند أو حدث مثير على مستوى البنية الإجتماعية. ثم إن  الفئات الزنجية على اختلافها منطوية على نفسها بدرجة معينة وترى في " البيظان " ذلك الشيطان الذي لا يهمه إلا نفسه ويحاول بشتى الطرق إقصائهم مما يعتبرونه دولتهم ووطنهم الذي ليس لهم سواه ، أما " لحراطين"  فيحاولون الوقوف على الحياد في هذا الصراع البارد، لكن الواقع يجعلهم طرفا من حيث لا يشعرون، طرفا لأنهم يرون أنفسهم غير ممثلين في هذا البلد وبالتالي سيجدون أنفسهم بحاجة لإثبات موريتانيتهم عطفا على كونهم صاروا يسعون لتفرقة البلد وتفتيته بمجرد أنهم طالبوا بما يرون أنه حقهم المشروع في هذا البلد المحتكر( لن أخوض في هذا الموضع لأنه خارج السياق الآن)، و لن أدخل في نقاش نقطة ثانوية بالنسبة لي وهي " عروبة لحراطين من عدمها " لأنني أرى أن الأولى إثبات موريتانيتنا جميعا ثم نفكر بعد ذلك في الإنتماء الخارجي.
 ما أثار هذا النقاش كله هو تصريح " حركة افلام " بضرورة وجود حكم ذاتي - و ليس انفصال كما يُتدال - في الجنوب الموريتاني، دعوني أولا قبل الخوض في هذا النقطة أقول إن هذا المطلب مرفوض جملة وتفصيلا وليس مطروحا حتى للنقاش، لكن ردة الفعل المبالغ فيها حد السذاجة التي جُوبه بها هذا المطلب تعبر عن عنصرية دفينة ومتجذرة ، فطلب " افلام " هذا على لا واقعيته، يمكن أن يُرد عليه بهدوء وروية، ثم ألسنا أبناء وطن واحد؟ إذا ألا يتطلب هذا نقاشا بيننا حتى نثبت لبعضنا صوابية أو خطأ ما ذهب إليه، أما أن نطالب فورا بإقصائه وطرده من بلده فذلك تهور وإقصاء غير مقبول بتاتا.
لكن دعوني أتسائل معكم ، لماذا تطلب حركة " افلام " حكما ذاتيا في الجنوب ؟ أليس لشعورهم بالغبن وبالتهميش ؟ أليس لأنهم لا يرون أنفسهم من هذا البلد ؟ أليس لأنهم مطلوب منهم - وهنا أعني فئات الزنوج جميعا والتي أجزم أن الكثير من أفرادها يوافقون على طلب افلام هذا – إثبات موريتانيتهم في كل مرة ؟ ألا ننظر إلى أحدهم في كل مرة ونقول – بهمس – ما ذا يفعل هذا السينغالي هنا؟ لم لا يذهب إلى وطنه؟ ، لنتعامل بصراحة ونفهم أن هذا الوطن الجريح للجميع ولا يحاول بعضنا إقصاء الآخر بحجج ثبت خطأها وعدم إمكانية تطبيقها.
 ولنفهم أن مشكلتنا الأساسية مع العسكر وحساباته الخاطئة التي يحاول بها الإمساك بيد من حديد بهذا البلد، وهم أصل الداء الذي يجب استهدافه مباشرة، هذا فقط إن كنا نريد بلدا متصالحا مع ذاته ، وللتذكير فقط وللتأكيد أيضا، أقول إن كل هذه الحساسيات أصلها العسكر وليس غيره، فلنتكاتف لإزالته أولا، ولنتخلى عن نظرة الريبة تلك التي ننظر بها لبعضنا البعض.

هنا قبل أن أختم ينبغي أن أشير إلى أن خطوة رئيس حزب تواصل السيد محمد جميل منصور تعد خطوة جريئة وفي محلها ومن بين ما رد به على منتقديه ( إنه من المهم أن نفهم أنه ينبغي أن نستمع إلى الجميع و أنيسع الحوار الجميع فالإلغاء مفسدة مطلقة و قد يكون بعض دعاته أول ضحاياه عندالتدقيق ) ، فالإنفتاح على طيف أو فئة من فئات الشعب يعد مسألة في غاية الأهمية وتبعث على التقارب والتفاهم ، وحبذا لو فهم الكثر من المواطنين أن الأمور تحل بالحوار والتفاهم وليس بالإقصاء والتخوين ، ذينك الإتهامين الجاهزين دائما عند الغوغاء الذين لا يملكون حججا قادرة على إثبات آرائهم، كما أن خطوة حزب اتحاد قوى التقدم الجريئة هي الأخرى تعبر عن نضج سياسي ونظرة عميقة  لمستقبل هذا البلد، أما التهرب والتنديد تماشيا مع ما يريده العامة فذلك تخاذل وتراجع في وقت التقدم والجهر بالحقيقة.

رأيكم يهمني

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

blogtopsites'