أصبحت كلمة الإرهاب شائعة الإستخدام خصوصا مع بداية القرن الجديد
وبداية الحروب الأمريكية ضد ما تسميه الإرهاب، إلا أن هذا المصطلح أخذ تفاسير شتى
، فكل يستخدمه لحاجة في نفسه، حينما لا يجد مدخلا أو نصا قانونيا يُدرج تحته أي نازلة
قانونية جديدة إن صح التعبير، فحسب موسوعة ويكيبيديا يعتبر الإرهاب حسب القانون الجنائي " .. أنه بالإضافة إلى تعريفات
مشتركة للإرهاب ، يشير إلى تلك الأفعال العنيفة التي تهدف إلى خلق أجواء من الخوف،
ويكون موجهاً ضد أتباع "مذاهب" دينية وأخرى سياسية معينة، أو هدف أيديولوجي"،
لكن ما يهمني هنا ليس السعي خلف إيجاد تعريف جامع مانع له بل محاولة إبداء الرأي
حول ما نعتبره كموريتانيين إرهابا وما نعتبره جهادا مشروعا ضد الغربيين "الكفار"
حسب المصطلح العامي المتداول.
هذا الموضوع يحيلنا مباشرة إلى
المعتقلين السلفيين في السجون الموريتانية حيث يجهل لحد الساعة المكان المتواجدين
فيه وظروفهم الصحية، خصوصا بعد وفاة أحدهم خلال الأسبوع الماضي، ووضعية هؤلاء
السجناء بطبيعة الحال غير إنسانية ويجب التعامل معها حتى ينال هؤلاء السلفيين ما
يكفله لهم القانون بشكل كامل، كل هذا دون النظر إلى الموقف العام منهم والذي يختلف
من شخص لأخر، فهناك من يراهم إرهابيين يجب التعامل معهم بحذر – وهذا ليس مبررا
لظروف اعتقالهم الحالية- في حين يرى البعض
الآخر عكس ذلك قياسا للعقلية الموريتانية التي تراهم مجاهدين في سبيل الله.
موقف بعض الموريتانيين هذا تجلى أساس
إبان هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية والتي راح ضحيتها آلاف المواطنين، فتجد من
بينهم من فرح لهذا الهجوم معتبرا إياه ضربا للكفار بل هناك من أصّل له في القرآن
الكريم من خلال الآيتين الكريمتين (109-110) من سورة التوبة ، وتفسير هتين الآيتين
معروف على كل حال. هجمات القاعدة هذه خلقت لها قاعدة شعبية بدأت تتسع وهو ما نتج
عنه وجود القاعدة في المنطقة وضرباتها المتعددة في موريتانيا دون أن ننسى الخلايا
التي كانت موجودة أصلا والتي كانت توجه هجماتها أساسا ضد الجزائر لأسباب معروفة
للجميع.
ما أريد الإشارة إليه أن بعض
الموريتانيين خصوصا من خريجي التعليم
المحظري – كارهي الغرب بالدرجة الأولى – يعتبرون هجمات القاعدة ضد الغرب عمليات
جهادية ويتعاطفون مع منفذيها في غالب الأحيان، فالمبدأ الأساسي عندهم هو قتل
" النصارى والكفار" وهذا هو العمل البطولي الذي تقوم به القاعدة بفروعها
المختلفة ، لكنهم في نفس الوقت يسجلون تناقضا صارخا في تعريفهم للإرهاب، فهو إرهاب
حين يضرب مصالح موريتانية ولكنه جهاد حين يضرب غربيين مهما كانت دولهم، هذا
التناقض الواضح لا يثير لديهم أي تسائل بل هو من المسلمات بالنسبة لهم ، لكن
الإرهاب إرهابا أينما حل ، وهذا ما يجب وضعه في الحسبان ، والمفارقة إننا حصدنا
نتيجة ازدواجيتنا هذه وقد تمثل ذلك من
خلال الهجمات الإرهابية التي تعرض لها جنودا موريتانيين في الشمال (تورين) وكذلك
السيارة التي اعْتُرضت في الرياض، كل هذه العمليات وغيرها راح ضحيتها موريتانيين
أو كان سيكون لها ضحايا لو وقعت وفي كلتا الحالتين نكون قد حصدنا نتيجة تعاطفنا مع
القاعدة ومع الإرهابيين بشكل عام.
هذه الإزدواجية أيضا عن طرح السؤال
التالي على أنفسنا ، لم يهرب كل إسلامي سياسي أو غير متسيس إلى الغرب كلما تعرض
لمضايقة في دولته الإسلامية؟ لم لا يبحث عن الملجأ في دولته ؟ أليست الدول التي
توفر له الحماية دول كفر ؟ أليست هذه ازدواجية فجة؟ هذه الوضعية بالضبط وقعت
لسياسيين موريتانيين حينما تعرضوا لمضايقة شديدة فلم يجدوا إلا الغرب كملجأ لهم
ومن المعروف أن قاعدتهم تتركز أساسا على كره الغرب وكل ما يتعلق به، وهم من يدعون
في خطبهم على تدميره وفناءه دون تمييز حتى أو استثناء، والمعروف أن مسلمي بعض هذه
الدول أكثر من سكان موريتانيا وحدها.
إذا الإرهاب لا دين له، ويجب عدم
التعاطف مع مرتكبيه لأنهم ببساطة يشوهون الإسلام ويعطون الصورة الخاطئة عنه، وهذا
التشويه هو ما يظهر بالضبط من خلال جماعة
"بوكو حرام" النيجيرية التي تختطف فتيات من أيام وقد أرغمتهن على ارتداء
خرق ملونة معلنة دخولهن للإسلام كرها، في حين لا يرغم الإسلام الناس على دخوله
عنوة.
فكيف سينظر العالم إلى الإسلام من خلال هذه
الجماعة الإرهابية ؟، أعرف أن جواب بعض المتزمتين سيكون وما همنا بالغرب ونظرته
لنا ، ولكن ببساطة شديدة الإسلام دين يرنو للعالمية وليس خاصا بكَ أو بكِ حتى لا تهتم أو تهتمي برأية الغير له، الإسلام
رسالة تسامح، الإسلام تعامل عادل مع
الغير، الإسلام احترام لخصوصيات كل ديانة و قومية مهما كانت ووسيلته الإقناع لا
بالعنف لا بالتفجير.