باعتبار موريتانيا
إحدى دول العالم الثالث فإن ذلك يعرضها للكثير من الضغوط التي يصعب عليها مواجهتها
، إذ لا يخفى على أحد اليد المافيوية المفسدة التي تسير البلاد علما أن العالم في
أغلبه يسيره أصحاب الشركات متعددة الجنسيات التي تعشش في الدول ذات الإرادة القوية
بشكل خاص ولا تكسر بلادنا هذا الاستثناء خصوصا مع وجود جهل تام بالمصالح العليا
على المدى المتوسط والطويل، وفي هذا الإطار تدخل الشركات الأجنبية العاملة بموريتانيا
في مجال استخراج المعادن الباطنية يتعلق الأمر هنا بشركتي (MCM &
TAZAIZET MAURITANIA) والشركة الصينية المثيرة
للجدل التي تعمل في المجال البحري، لأن تلك الشركات لاتلتزم بالمعايير العالمية أثناء عملية التنقيب ولا
عند الاستخراج في حالة اكتشافها لبعض الثروات الطبيعية وإنما همها هو الربح مقابل
أقل خسارة وأقل استثمار ولو على حساب سلامة المواطنين وسلامة الوسط الطبيعي.ويتحمل النظام القائم
قسطا كبيرا من المسئولية إن لم تكن كلهاعن جريمة موت عشرات من الموريتانيين في
ولايات اينشيري وآدارا وتيرس الزمور بسبب تسمم الكثير منهم جراء العمل في شركات
التنقيب عن المعادن كما أنه يتحمل المسئولية أيضا عن انتشار الأمراض الخطيرة
والسرطانات المتنوعة للأسف بين آلاف من الموريتانيين في ولايات الشمال والوسط
خصوصا وفي بقية الولايات الموريتانية عموما بسبب انتشار تلك السموم وانتقالها عبر
العوامل الطبيعية (الرياح، الهواء، الترسب والوصول إلى المياه الجوفية) ، ونفس
الشيئ ينطق على تلوث مياه البحر والقضاء على جزء كبير من الثروة السمكية بسبب
الاستخراج السيئ للنفط ورمي النفايات في البحر.
وتتعالى الأصوات يوما
بعد يوم للمطالبة بالحد من التلوث البيئي الذي تخلفه هذه الشركات سواء من قبل العمال
المتواجدون في عين المكان إذ أخبرني أحد العمال هناك أن العمال الغربيين يعزلون
أنفسهم في أماكن محمية جيدا بينما يفرقون المحليين في كانتونات لا تتوفر على أدنى
مستوى من الحماية وتتعالى الأصوات كذلك من الخبراء المتخصصين في هذا المجال مثل
المهندس ومدير الرقابة البيئية سابقا السيد الخليل ولد أحمد خليفة الذي أقيل من
عمله بسبب كشفه عن المخاطر الجمة التي تتعرض لها البيئة الموريتانية من مخلفات هذه
الشركات و عدم اكتراث المسؤولين المعنيين والغريب هو تجاهل الجهات المعنية مع
العلم ان أحد التقارير كشفت أن شركة (م سي م ) اعترفت بوجود نسبة من السيانيد
قائلة أنها تجعل في أغشية عازلة للتسرب علما أن التقرير أوضع أن هذه الأغشية معرضة
للتحلل وحينها سيكون من الصعب تلافي الخطر الناتج عنها.
وقد رفع أحد المحامين
دعوى قضائية ضد شركة (م سي م ) سنة 2007 لما تخلفه من أضرار وعلى إثر ذلك كلفت
المحكمة ثلاث خبراء للتحقيق إلا أن النتائج لم تكن في المستوي إذ أن الخبير الطبي
كان مساندا للشركة حسب المحامي في حين أن
الخبير الفلاحي كشف عن وجود تلوث في المنطقة وتهاون الشركة أما خبير المخلفات الصناعية فقال بأن هناك مخاطر لكن تحديدها بالأرقام
يحتاج إلى تحليل عينات في مخابر دولية وليس هناك من هو على استعداد لتحمل هذه
التكاليف فلا الشركة تكفلت بها ولا الدولة تهتم بالامر اما المواطنون البسطاء فلا
حول لهم ولا قوة.
وإذا لم تكن هناك
إرادة شعبية خصوصا من أهل المدن والمناطق المجاورة لهذه الشركات والمجتمع بشكل عام
فان هذه الأضرار ستستمر في التفاقم الى ما لا نهاية علما أن السلطات لن تحرك ساكنا
مادام الكثير من الأموال يدخل الحسابات البنكية السرية باستمرار.