الأحد، 29 يوليو 2012

عندما يحشد المواطنين كالبهائم لاستقبال سيادته


استيقظت في صباح أحد الأيام في مدينتي التي تبعد 450 كلم من نواكشوط ، استيقظت على حديث الناس عن دخول عشرات السيارات في تلك الليلة إلي المدينة ، وقد سبق ذلك الحدث تناقل أخبار عن زيارة سيقوم بها سيادته لمدينتنا التي ازينت بأجمل الحلل مخفية بذلك آلام مئات الأسر التي تبيت ليالي بدون وجبة عشاء وكذلك الحال في بعض الأيام، ولم يجد سياسيينا علاجا لهذا الوضع سوى تقسيم مبالغ زهيدة لإسكاتهم حتي تكون زيارة سيادته المشئومة (ناجحة) ، وأي نجاح؟
يتعاظم الحديث  هذه الأيام عن ما يسمي لقاء الشعب الذي سيجريه محمد ولد عبد العزيز القائد الأعلى للقوات المسلحة في ولاية آدرار والذي يحاول فيه كما سبق التعمية عن الإخفاقات التي منيت بها حكومته وليحاول كذلك اللعب على الوتر الحساس ألا وهو الفقراء، هذه المسرحية التي ثبت زيفها منذ فترة وجيزة على فترته الرئاسية.
سيعمل الآدراريون – إن جاز التعبير- على بذل ما أوتوا من قوة كي تكون زيارة سيادته ناجحة وأي نجاح هذا الذي يطمحون له؟ ولماذا؟ ، أولا سيجمعون أموالا طائلة على كل رجل قادر من هذه الولاية وبالأخص رجال الأعمال الذين لن يبخلوا بأوقية لعلمهم أن فخامته سيعوضهم بعد ذلك من أموال المواطنين التي تفرض عليهم على أنها ستسدد لخزينة الدولة ، وسيقومون بنظافة المدينة من أقصاها إلي أقصاها لكي تكون لائقة بمقام سيادته بينما كانت المدينة في حالة يرثى لها قبل هذه الزيارة المشئومة في إهمال تام لصحتهم ونظافة بيئتهم، والأدهى من ذلك وأمر أنهم سيقومون بحشد المواطنين كالأغنام وحشرهم في مكان حتى يضطلع عليهم سيدهم الرئيس ليبارك شعبه المختار الذي لفحته أشعة الشمس الحارقة انتظارا له ليلقى عليهم كلاما معسولا لا يغني ولا يسمن من جوع ليعود فقراء المدينة ليلا إلي بيوتهم بلا طعام أو شراب، ألا يعتبر هذا احتقارا للمواطنين وتقليلا من شانهم أن تسوقوهم كالبهائم إلي من لا يستحق ذلك؟ ألا يجب أن يكون لنا الخيار في ذهابنا إلي ما نشاء ونقعد عن ما نشاء ؟
ينبغي أن تكون زيارة أي رئيس لشعبه  زيارة عادية وألا تنهك فيها جيوب المواطنين و أجسامهم في التحضير لهذه الزيارة، ثم انه ينبغي أن تكون الزيارة بهدف معرفة أحوال المواطنين وليس تكليفهم عناء شيء لا يقدرون عليه لكي يظهروا في حلة تليق بسيادته في حين عليهم الظهور على حقيقتهم حتى يضطلع سيادته عليها، وليس العكس.
لماذا كل هذا التحضير والاستعداد لهذه الزيارة ؟ أليس لان أشخاصا محددين هم من سيستفيد من – نجاح- هذه الزيارة وهم من سيعين بعد انتهائها في مناصب مكافأة لهم على ما قاموا به من جهد.
على كل مواطني ولاية آدرار أن يدركوا أنهم ليسو ملزمين لا بتجهيز ولا بحضور خطاب سيادته وإذا حضروا فعليهم أن يكون ذلك الحضور على طبيعتهم المعهودة وعليهم الا يغيروا أي شيء من عاداتهم اليومية المعهودة لان هذا النوع من الزيارات واللقاءات لا يعدو كونه مضيعة للوقت وإهدارا لأموال الدولة في الباطل، فبدل أن يلقي هذا الخطاب الصوري من آدرار والذي لا تخفي نكهته الانتخابية والتي تسعي إلي خدمة حزب الإتحاد من أجل النهب والتدمير والمصالح الضيقة، كان من الأجدى أن يلقى من احدي قاعات القصر الرئاسي لأنه ببساطة لن تطبق كلمة واحد مما سيقال خلاله ولن تكون هناك الا ردود كثيرا ما ستشوبها المغالطات والأرقام المغلوطة.
في الأخير على كل واحد منا معرفة أن الرئيس في منصبه لخدمة المواطنين وليس العكس وعليه فانه ينبغي إظهار الحقائق والابتعاد عن التملق والنفاق وعبارات الشكر والثناء الكاذبة التي دأب عليها السياسيين الذين يسعون خلف مصالح شخصية لا تخدم المواطن من قريب ولا من بعيد .
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

رأيكم يهمني

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

blogtopsites'