منذ صرنا نميز بين وجوه السياسيين الوطنيين ونحن نلاحظ تكرار الكثير
من الأسماء التي تأخذ تارة هذا المنصب وتارة أخري منصبا آخر ولقد أصابنا الملل من
هذه الوجوه التي تتبادل الأدوار حسب مزاج الرئيس المتقلب كلما أراد أن يرضي قوما أو
جهة ما من هذا البلد المترامي الأطراف.
تبدأ الحكاية في أحد الأيام عندما كنت مارا أمام منزل احد شيوخنا أو
قل كبار مدينتنا الذي يتمتع أولاده بنوع من التعليم الذي يؤهلهم لتقلد مناصب
معينة، فأثناء مروري إذا بحفل وضرب للدفوف أثار انتباهي فلما سالت أخبرت أن احد أولاده
قد تم تعيينه في منصب سامي لحساب مدينتنا المنسية من التعيينات منذ زمن، فرحت أيما
فرح فأخيرا سنحظى بمكانتنا اللائقة بنا كمدينة تاريخية مر بها الاستعمار وسكن بها
زمنا طويلا.
كان ذلك في أواسط حقبة معاوية ولد سيد احمد الطابع الذي علمت فيما بعد
أن هذه هي السياسة التي ينتهجها لإسكات أي مدينة متذمرة علي سلطته المطلقة، وبعد أيام
قدم السيد المعين وأقام حفلا بهيجا آخر وخطب خطبة جميلة وعد فيها بالخير الوفير
الذي سيعم المدينة بفضل سيادة الرئيس الذي سيبني موريتانيا كلها ونحن في المقدمة.
وكملاحظة أولية يبدو خطيبنا كأنه بلا كلام ، إنما هي كلمات استلهمها
من سيده الرئيس الذي استدعاه هو ومئات مثله لتوجيههم إلي المناطق الداخلية قبل
الانتخابات التي ستجري بعد فترة من ذالك التاريخ.
ما أشبه الليلة بالبارحة، في زمن يشهد فيه العالم الكثير من التحولات السياسية والاجتماعية
لا زلنا علي نفس المنوال من التعيينات المناطقية والجهوية - إن جاز التعبير- خصوصا
ان معظم المقاطعات في الداخل تشهد الكثير من المظاهرات المطالبة بتوفير ابسط
الحاجيات اليومية نرى سياسات قصيرة النظر تعتمد علي حل المشاكل في الوقت الحاضر
دون ادني تفكير في المستقبل القريب.
ومن هذه الحلول أن يعين فلان أو علان في هذا المنصب لان أهل عدل بكر أو
أطويل أو تجكجة أو لكوارب أو ......... تظاهروا احتجاجا على سوء الأوضاع فنفاجئ
بدلا من حل المشكلة بتعيين أحد وجهاء إحدى هذه المناطق في منصب رفيع لامتصاص هذا
الغضب، إنها لسياسة حمقي من سياسيين أحمق وأجهل عاجزون عن فهم عقلية الشعوب التي صارت أحرص علي المطالبة بحقوقها من أي وقت مضي،
واقل شيء يمكن أن يوصف به هؤلاء السياسيين هو الجهل التام لمتطلبات الحياة اليومية
التي صارت بفعل التطور التكنولوجي تحاسب حكامها علي ابسط الأخطاء التي تقع فيها.
وقد يقول أحد ما كيف يعقل أن ننتظر تفهما ما لمشاكل هذا الشعب في ظل
قيادة ظلت عاجزة عن مواكبة الحركة الديمقراطية التي عرفتها دول مجاورة و متمسكة بأخرى
حتي بعد أن صارت من الماضي.
علي
أشباه سياسيينا إدراك أن تعيين أشخاص غير أكفاء في مناصب رفيعة كنوع من إسكات
للشارع صارت لعبة متجاوزة ولا تجدي نفعا في زمن الثورات العربية التي أطاحت
بالعديد من الدكتاتوريين الذي تربعوا علي عروشهم زمنا طويلا ، وان ادعاء الإصلاح
زورا وبهتانا مردود علي أصحابه، ولينعموا ويتربعوا في مناصبهم جيدا فإن قافلة
التغيير قادمة لا محالة مهما غرد وصفق المنافقون المستهترين بمصالح البلد بهدف
مصالح آنية ستزول بإذن الله.