أحداث كثيرة متداخلة
في تاريخ الدولة الموريتانية الحديث ، أحداث تبعث على التفكير في مسبباتها
ومآلاتها، فقد حدثت صراعات أيديلوجية كثيرة بين الفرنكفونيين والقوميين، أنتجت هذه
الصراعات نظاما تعليميا فاشلا بكل ما للكلمة من معنى، نظاما هجينا ، مختلطا بين
اللغة العربية والفرنسية، قبل أن يتحول في الفترة الأخيرة (في ما يعرف بإصلاح التعليم ) إلى نظام تعليمي شبه فرنسي،
لكن الكارثة أن الطاقم التدريسي ليس على مستوى من الكفاءة بحيث يتقنون مهمتهم
التعليمية.
ومن نتائج هذا النظام أن ضاع الطلاب
فأصبحوا لا هم مفرنسين ولا هم أتقنوا العربية وبالتالي هم ضحية نتيجة للتخبط في
صياغة برنامج تعليمي سليم يقوم على أساسات سليمة. كما أن سبب الحساسية المستمر بين
العرب والزنوج يعود إلى اللغة أساسا، ففي لقاء سابق مع شاعر يدعى " جبريل
هامي لي " من (الولوف) إحدى الأقليات الموريتانية قال فيه إن << سبب المشاكلبين "الزنوج" و"البيظان" هو فرض اللغة العربية دون تشاور >> وعليه يتضح عمق مشكل اللغة الذي نعاني منه في موريتانيا.
و منذ أيام قليلة مضت أقدم الجيش على تعريب مراسلاتها وكشوفاته،
خطوة نالت إعجاب العديد من موالي النظام ومتزلفيه، لكن أهم تفسير يمكن استنتاجه
خاصة مع الإشارة إلى الحساسية التي يتحدث عنها البعض دائما داخل الجيش نفسه عن الرتب
والمناصب التي يحظى بها الزنوج ، إذ يمكن تفسير هذه الخطوة على أنها إقصاء لهؤلاء
الزنوج الذين طالما اعتبروا اللغة العربية تهديدا لهم ولمستقبلهم.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه ، بل لطالما كان موضوع نقاش مستفيض
بين الموريتانيين هو تعريب الإدارة، فأجيال كثيرة من الخريجين تجد نفسها في تناقض
صارخ ، فتعليمهم ولغة الإدارة مختلفان مما يضطرهم إلى الإقصاء من الولوج للوظائف ،
كما أن الدولة نفسها تبذل أموالا طائة من أجلة إعادة تدريس موظفيها اللغة الفرنسية
في معاهد خاصة، كل هذه المطبات كان يمكن تجاوزها بإرساء نظام تعليم واضح، فإما أن
يكون تعليما فرانكوفونيا و إما يكون عربيا حتى نرتاح من هذا التناقض الذي يتضرر
منه المواطنون أنفسهم الذين يجدون أنفسهم أمام إدارة لا يفهمون شيئا من خطاباتها
الخاصة بهم. وتبقى كل هذه المشاكل من إنتاج قادة الجيش الذي لا يجيدون إلا
الإنقلابات وزرع المشاكل بين فئات الشعب حتى يتسنى لهم حكمه تماشيا مع المثل
القائل << فرق تسد>>.