الجنرال محمد ولد عبد العزيز |
وانتهى لقاء الأَلمْ بعد ليلتين بين الجامعة والقصر الرمادي المسلوب
قهرا، وانتهت مهزلة نجح فيها (جنرال المرح) من ايصال رسالته الإنتخابية وتلقى فيها
الكثير من (الشباب) صفعات مركزة جعلتهم مجموعة من الخراف في حظيرة الجنرال، انتهت
مهزلة ظن ممثليها المبتدئين أنها ستدر عليهم دخلا، على الأقل بعضهم، وربما يكسب
البعض الآخر دون شك، لكن العبرة بالخواتيم وليس طبعا المجلس الأعلى للشباب والذي
ليس إلا خطوة لتثبيت الشباب أمام الغنتخابات المقبلة وبعدها سيجدون أنفسهم كما
كانوا.
بدأ الجنرال خطابه عزفا لأغنية تافهة صارت مستهلكة كثيرا، إنها أغنية
الأرقام التي لا يمكن التحقق من صدقيتها بالمرة، هو وحده المخول الإضطلاع عليها،
أعني هنا ، أرقام البطالة (10%) والمليارات التي لا ندري أهي في الخزينة أم البنك
المركزي، ثم تحدث عن تطور موريتانيا لتقفز من دول القاع والعجز ليستقر (الجنرال) -
الحمد لله - في الدول المتوسطة الدخل، وضعتها (ليستقر) بدل ( لتستقر موريتانيا)
لأنها في الحقيقة ما زالت في آخر الترتيب من حيث الدخل ولا أراها تتجاوزه في ظل
السياسات الإقتصادية الإحتكارية في موريتانيا، زد على ذلك ترتيبنا ال (119) في
تقرير منظمة الشفافية الدولية حول الفساد سنة 2013، فكيف ستنتقل دولة هذا رقمها
إلى الدول المتوسطة الدخل؟
افتتح الجنرال خطابه بالحديث عن الأمن وبناء الجيش والجريمة المنظمة وما
إلى ذلك من القضايا الثابتة في كل خطاباته ( إننا نعمل على إعادة بناء الجيش الوطني
في وجه الجريمة المنظمة) - نفس كلامه في لقاء خداع الشعب في النعمة - و يتضح أن فكر
الجنرال هو الجانب العسكري فقط وليس بناء الدولة المتهالكة، أما الأمن وغيره
فمسألة فيها نظر.
من الدانب الإقتصادي قال الجنرال إن مؤشرات النمو تطورت من خلال التحكم في
التضخم و تطوير الموارد الجبائية، فهذ غير سليم في جزءه المتعلق بتحسين مستوى
التضخم (ارتفاع مستوى الأسعار ) حيث إن الأسعار في تطور مستمر والحجة الجاهزة لديه
هي أن العالم يشهد ارتفاعا هو الآخر، متجاهلا أن للدول طرقها وسياساتها المعروفة لمواجهة هذا النوع من الأزمات ، أما الجانب
الحقيقي من كلامه فهو تحسين الموارد الجبائية لكن يبدو أن ذلك ليس في صالح
المواطنين فمعروف أنه كلما زادت الموارد الجبائية على كواهل المواطنين قابلها تحسن
في الخدمات المقدمة، فهل التعليم والصحة والبنى التحتية و غيرهم الكثير تعبر عن
ذلك التحسن ؟ وإذا اعترفنا لها ببعض الخدمات فهي رديئة و مثيرة للإشمئزاز، الجنرال
أيضا قال إن الأرصدة الخارجية للبلد قد زادت حيث بلغت (مائة وسبع مائة مليون دولار "طبعا
لن تستطيعون قراءة هذ الرقم ولكنه كما نطقه هو )،كما أن موريتانيا تتوفر على
مليارات ، والغريب أن هذه المليارات لم تنعكس على الأوقية إن كانت لدى البنك
المركزي ولم تنعكس على الرواتب سواء بالنسبة لعمال الوظيفة العمومية أو عمال
الدولة غير الدائمين الذين تتأخر رواتبهم أشهرا في أحسن الظروف، أما قضية الرواتب
التي يتبجح بها فإنه يهمل جانبا هاما جدا لأنه هنا يركز على الكم وليس الكيف.
علينا أن ننظر إلى الراتب
الحقيقي الذي هو ما يوفره الراتب النقدي من مواد غذائية وحاجات أخرى مثل السكن
والنقل وغيره من المسائل الضرورية، إذا أيها الجنرال لا تعتمد وتكرر كثير تلك
الأرقام ما دمت تعرف أنها لا تغني ولا تسمن من جوع.
أما حسن التسيير يا عزيزي
الجنرال فلا أظنك تقصده بحق، لأن القاصي واداني يعرف ما يحدث في الوزارات
والإدارات وغيرها من أوكار الفساد الكثيرة، وليست الديون التي تتراكم على
موريتانيا سنة بعد أخرى إلا من مخلفاتك وسلفك العسكر لا ردهم الله. وتقرير الشفافية
الدولية سالف الذكر شاهد على ذلك.
في الفترة الأخيرة دأب الجنرال ووزراءه على تكرار موضوع البطالة وإنها بلغت 10% ، فهل يعقل أن ينتقل رقم من 31% إلى
10% بهذه السرعة( أي في ظرف سنتين) ، أهذا
معقول؟ ألا يعتبر هذا تناقضا مع كون الجامعة تخرج آلاف الدفعات سنويا وبتخصصات لا
تحتاجها السوق ومع ذلك لا توجد بطالة!
أما عن عدم تطابق تخصصات الطلاب الخريجين وحاجة السوق فهذا ليس الا تركة
أحكام العسكر المتعاقبة والتي لن يكون هذا النظام بدعا منها مطلقا وهو ما تميز به
طوال السنوات الماضية وبامتياز.
إذا لم يكن هذا اللقاء إلا مسرحية سيئة الإخراج أو حظيرة للرغاء من إجل
مرح الجنرال الذي تفرج على جيل الآيباد والآيفون يصفقون ويرقصون ويضحكون بلا سبب
في مشهد مبكي و محزن إلى أبعد الحدود، والضحية دائما هي موريتانيا و أجيالها
اللاحقة التي أرجو ألا تكون مثل جيل الآيباد والآيفون والهموم والحجات الشخصية.