السبت، 1 يونيو 2013

أبشروا بانقلاب ولتتأجل الثورة!


تتميز غالبية إن لم نقل كل الدول الفقيرة بمجموعة من المميزات المشتركة سواء من الناحية السياسية التي سأعود لها لاحقا ، أو من الناحية الإقتصادية أو على بقية الصعد المتبقية، فمن الناحية الإقتصادية تتميز بما يعرف بحلقة الفقر المفرغة والتي تدور فيها الدولة الفقيرة دائما دون أن تتمكن من الخروج منها وقد وضع المفكرين الاقتصاديين العديد من الحلول حيث يمكن كسر هذه الحلقة والنهوض باقتصاديات هذه الدول، هذه الحلقة المفرغة ماذا تقول؟  تقول أن فشل النظام التعليمي الذي هو أساس أي تنمية سببه ضعف الكادر البشري القائم بالعملية التربوية ذاتها ، هذا الكادر يعود بالسبب إلى ضعف الإمكانات المادية التي لا توفر له البيئة المناسبة وهو ما يؤدي إلى ضعف الإنتاجية الفردية للمجتمع مما ينتج عنه تفشي الفقر الذي يؤدي بدوره إلى عدم القدرة على التعليم وهكذا دواليك، مما يضع هذه الدول دائما تحت  مشكلة اقتصادية هائلة.
موريتانيا بالإضافة إلى ما سبق تتميز بميزة الانقلابات التي يمكن للبعض أن يرى أنها ليست إلا من نتائج ما ذكرت أعلاه ، لكن مع ذلك تظل الانقلابات بحد ذاتها لما تؤدي إليه من عدم استقرار من أكبر العوائق التي يمكن أن يعرفها أي بلد نامي وهي ماركة مسجلة للجيش الموريتاني.

يحاول بعض المنظرين أو قل المصفقين للأنظمة العسكرية أن يسوِّقوها لنا باعتبارها المنقذ الوحيد من المشاكل التي يدخلها البلد بفعل فاعل أو بفعلهم أنفسهم – أي العسكر- وهو ما قِيل إبان أول انقلاب يحصل في موريتانيا أي بتاريخ 10 يوليو 1978 والذي أطاح بالرئيس الراحل المختار ولد داداه بحجة إدخاله لموريتانيا في حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل هي حرب الصحراء، وبذلك سوَّقوا أنفسهم كمنقذ لموريتانيا معلنين تاريخ بداية اللعنة على هذا المنكب البرزخي المنبوذ، بعد ذلك توالت الإنقلابات بنفس الحجج الواهية في حين أننا ندرك أنها مجرد نتيجة لعجز هذه الأنظمة عن تسيير البلد فلم يكن هناك غير الانقلاب كأنجع وسيلة للوصول للسلطة وبداية مسلسل فارغ جديد، وكان من بين هذه الانقلابات المحاولة التي قادها صالح ولد حننا ورفاقه والتي فشلت، إلا أن انقلاب 2005 بقيادة اعلي ولد محمد فال والجماعة التي عادت بعد ذلك جاءوا بنفس الدعوى وهو إنقاذ موريتانيا من الأوضاع المتردية التي تتخبط فيها، المسرحة التي جرت بعد ذلك محفوظة لدى الجميع ، إلا أن آخر نسخة من الانقلابات جاءت بالجنرال الحاكم حاليا وكانت نفس الدعاوي تتردد على مسامعنا من جديد ، بنسخة مطورة قليلا لكنها لا تعدو أن تكون مسرحية هزلية سيئة الإخراج ولا غرو فهي من إنتاج العسكر.
إذا المتتبع للساحة السياسية اليوم وما تموج به من حراك ومن مظاهرات يدرك أن الوضع قد تغير بالفعل فأهالي مدينة رو يتظاهرون يوميا من أجل الماء و الكهرباء و مناطق أخرى مثل صنـرافة و مـطع لحجار تتظاهر من أجل الماء كذلك هذا من ناحية ، أما من الناحية الأخرى والتي لا تبتعد كثيرا عنها فهي مطالب العمال المتزايدة والمتفجرة  من أماكن مختلفة تضع علامة استفهام كبيرة حول ما يجري من أحداث، فأحداث الميناء وإن وضعت في إطار عرقي بحت حسب البعض إلا أنها تبقى مشكلة من مشاكل هذا البلد ،بالإضافة إلى مشكلة " الجرنالية" في مدينة ازويرات والتي تطورت لمستوى حاد قليلا- أقصد من ناحية الحراك نفسه- كل هذه التطورات تضعنا أمام لحظة حرجة سيكون لها ما بعدها.
كما قال أحدهم الأنظمة اللاشرعية ، الدكتاتورية ، ضعيفة بطبعها ولا تمتلك مناعة ضد أنفلونزا الشعوب حينما تزكم ، حينما تثور ضد الظلم الذي يكون في الغالب نتيجة تمالأ رجال الأعمال والسلطة، إذن ولهذا السبب بالذات وبالعودة إلى مسببات الإنقلابات الماضية لا يمكنني "للأسف" إلا أن أقول أنَّ انقلاباً ما ، بحجة جديدة، سيحدث قريبا أو في المدى المنظور على الأقل، سواء حدثت مسرحية انتخابية سينجح فيها النظام بطبيعة الحال أم لم تحدث.
إذا بالنظر إلى المشاكل الاقتصادية التي لا تنتهي وإلى الأسباب الأخرى السالفة الذكر ينبغي علينا الخروج بحل ما يجنبنا اللجوء لهذا الحل العسكري الفاشل والذي جربناه ابتداء من سنة 1978 إلى آخر انقلاب مشئوم نعيش الآن في ظله ، هذا الحل يتمثل في قوة مدنية ضاغطة يكون وقودها الشباب بطبيعة الحال والذي رفع هذا الشعار مذ عرف أن مشكل موريتانيا هو القيادات العسكرية التي تتمسك بالسلطة كتمسك الغريق بآخر حبل نجاة وهو ما لم يتأتى إلا بالقضاء سياسيا أو بالعزل ضد مجموعة من الحرباوات والأفاعي السامة التي تجري خلف العسكر يتساوى بالنسبة لها أي صنف جاء، وما لم يحدث ذلك فابشروا بانقلاب ولتتأجل الثورة.
  
  


التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

رأيكم يهمني

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

blogtopsites'