لليوم العاشر على التوالي وموريتانيا بدون رئيس، تلكم هي الوضعية
الغير دستورية التي نتخبط فيها منذ النيران الصديقة التي اضطرت رأس النظام والقائد
الأعلى للقوات المسلحة إلى أن ينقل لباريس لتلقي العلاج بعد تلقيه (الإسعافات الأولية
) في المستشفى العسكري بلكصر في عملية أثارت وما زالت تثير الكثير من التساؤلات
التي لا يبدو أننا سنجد لها قريبا خصوصا مع تناقض الروايات الكثيرة التي تتسرب من هنا وهناك حول عودة
الرئيس والاستعدادات الجارية من طرف الإتحاد من أجل نهب الجمهورية الجارية على قدم
وساق من أجل التحضير لمسيرات للتطبيل والتزمير والتملق الذي عهدناه في كل الأحزاب
الحاكمة على مر تاريخ موريتانيا العسكري الفاشل.
في تلك الليلة الغامضة ومع بداية تسرب الخبر المتعلق بإصابة رئيس
الدولة أطل علينا الفصل الأول للرواية التي كان بطلها وزير الإعلام والاتصال والتي
ظهر للوهلة الأولى أن حبكتها لم تكن بالمستوي المقنع للقارئ المتمثل هنا في
المشاهد المضحوك عليه بتلك التصريحات الغبية، فجاءت الفقرة الوحيدة على لسان
الراوي الذي طمأن القراء( المشاهدين) على أن سيادة الرئيس تعرض لنيران صديقة وهي
المرة الأولى التي يتعرض فيها رئيس دولة لنيران صديقة وممن ؟ من حاضنته التي
أوصلته إلى هذا المنصب الشيء الذي حمل نكهة خاصة، ليصرح في نفس البيان أن الإصابة
على مستوي الكتف وهي بسيطة والأمور بخير، و يستمر التلهف لمعرفة المزيد من الأخبار
عن الحادثة ليفتح الباب واسعا على مصراعيه للشائعات التي تلونت بتلون الشارع
الموريتاني.
الفصل الثاني تبدل فيه البطل ليأتينا هذه المرة عبر أحد الشخصيات
العسكرية الكبيرة والعسكري الآخر مطلق النار على رئيسه عبر حكاية لم تقنع المشاد
بالمرة بل أثارت من الأسئلة الكثير أكثر من المرة الأولى ،فكيف بشخص يطلق النار
على عجلات سيارة تبعد عنه حوالي سبعون متر أن يصيب سائقها وبثلاث طلقات متمكنة مع
تناقضات واضحة لم يستطع الجندي - عديم الخبرة - أن يتجنبها ليتدخل مدير الاتصال في
الجيش الوطني محاولا تصحيح الأخطاء التي وقع فيها مطلق النيران الصديقة نتيجة لعدم
خبرته في هذه الأمور.
الفصل الثالث كان بمناسبة عيد الأضحى المبارك الذي روجت أخبار كثيرة
عن خطاب سيوجهه رئيس الدولة إلى الأمة الموريتانية، هذا الخطاب الذي انتظره الكثير
من الناس باعتباره سيبدد الشك حول صحته ويقضي على الشائعات التي تقول أن صحة محمد
ولد عبد العزيز لم تتحسن ، لتأتي تلك الكلمة عبارة عن رسالة مكتوبة موجهة إلي
الشعب الموريتاني بهذه المناسبة حملت فقط عبارات طمأنة الشعب بأن الأمور على ما
يرام وان كل شيء بخير.هذه الرسالة التي حملت هي الأخرى تساؤلات كثيرة ، فمثلا لو
كان رئيس الدولة بصحة جيدة لما عجز عن تسجيل خطاب ولو صوت بدون صورة حتى يطمئن
مناصروه من الحزب –الحاكم- الذي بدأت الصراعات تظهر من داخله بعد اليوم الأول من
مغادرة الرئيس إلى فرنسا، هذه الرسالة التي ستحاول المعارضة استغلالها باعتبار أن
هذا دليل واضح أن الرئيس عاجز عن ممارسة مهامه وعلى المجلس الدستوري القيام بما
تمليه عليه مسؤولياته، مستغلين في ذلك منع رئيس البرلمان من السفر لفرنسا للإطلاع
على الوضعية الفعلية و الحقيقية لمدى إصابة الرئيس ، إذ هو المخول بالإضافة إلى
الوزير الأول الطلب من هذا المجلس مباشرة الإجراءات الدستورية التي تعلن شغور منصب
الرئاسة.
إلا
أن هذه الوضعية يراها البعض صعبة التحقق نوعا ما نتيجة السيطرة الفعلية للجيش على
مقاليد الحكم ومحاولته إدارة الدولة مع صلاحيات هامشية لحكومة الدكتور مولاي ولد محمد
لغظف إلا أن الشارع الموريتاني بشكل عام يتوقع مفاجئة كبيرة تخبئها الأيام القادمة
تطبخ الآن على نار هادئة.