كانت الساعة في حدود منتصف النهار و ست دقائق و ثوان قليلة، الدقيقة السادسة قد اكتملت للتو و بدأت السابعة، هكذا هي ساعة هاتفي شبه الذكي. و على هذا التوقيت أطل بكرشه المرتعد و حقيبة يده التي تعود لمؤتمر تعليمي بشأن تعليم الكبار منذ حكم #معاوية الخير، هكذا يكرر دائما حين تتسائل معه عن عدد الحقائب المنتشرة كالفطر في سوق العاصمة.
اللثام من نوع " توبيت "غير الأصلية، انحناءة رأسه تجعلني أقدر طول لثامه بأربعة أمتار تقريبا، يلفها بفوضوية غير مريحة، لتبدو ككوبرا برية في وضعية خنق ضحية تعيسة.
قال - في الحقيقة، ريقه سبق قوله - قال " أنتم لصوص لقد استغليتم جهلي للايقاع بي، أنا أعرفكم كما اعرف إبني العاق الذي رفض القدوم معي رغم كبر سني".
تناولت منديل " كلينكس" أزلت ريقه، أدرت وجهي عن نَفَسه المتلاحق كرائحة مخلفات رطبة.
قلت مصطنعا هدوءا كاذبا، انتظر، كل شيء قابل للحل، ستنال حقوقك كاملة. لم تكن ابتسامته التي أهداني لتغير من وضعي شيئا، في الحقيقة أسنانه لم تعد موجودة، أو لنقل صراحة أن بقاياها الآيلة للزوال، بحاجة لصيانة عاجلة عند متخصص محترف.
جلس، أخيرا ، حوالي سبعون كلغ من اللحم والعظام المفتقدة للكالسيوم تهادت داخل مقعد جانبي مريح، تعرفون تلك الحالة حين تغوص بقية جثة زائد الوزن في مقعد جلدي وثير، يشعر أنه ينزل بهدوء وبراحة غريبة.
مد يده المرتعشة، التقط ورقة قديمة من زاويتها، لوّح بها كالمشمئز من منديل " اكلنكس" مستعمل في إزالة مخاط لزج، ثم قال، هذا عقد عملي الأول قبل أن يولد أبوك، ثم أردف جملته الشهيرة، عقدي حين كان يمكنك شراء قطعة أرضية كبيرة في الميناء بشاة غنم أو ضأن.
رن هاتفه " السامسونگ" تلقى دعوة عاجلة، وضب أوراقه، ثم نظر إلي شزرا، وقال؛ لي معك لقاء آخر.