ليس
سرا إذا قلنا أن الفيسبوك متاح لكل من هب ودب ، فالكل يفتح حسابا ويبدأ في كيل
الشتائم لكل من يخالفه في الرأي ومهما كان الموضوع المختلف فيه، وتتميز هذه الفئة
في كونها مجموعة من المراهقين الذين لا يدركون أو قل لا يميزون بين ماهو رأي ينبغي
ان يحترم لصاحبه ويناقش فيه بعقلانية وحجج دامغة وبين ماهو غير ذلك ، فتجدهم
يتقاذفون بأقذع النعوت والألفاظ بل تجد فيهم من يغذي روح الطائفية والعنصرية
المقيتة كل ذلك دون رقيب أو حسيب في ظل انعدام الوازع الأخلاقي والديني، إلا أن
هذا الجانب تقابله جوانب عدة لمجموعات شبابية رأت في الفيسبوك وسيلة تنويرية حديثة
ينبغي استغلالها لخدمة المجتمع فنتج عن ذلك عدة مجموعات سياسية وثقافية ومجتمعية
ذات أهداف نبيلة بدأت تجسدها على أرض الواقع وحازت إعجاب الكثير من الفاعلين
الثقافيين في البلد، مثالنا في ذلك هو المجموعة المعروفة ب( مبادرة المعرفة للجميع
التي جاءت كفكرة للسيد بوخريص ولد بلال الذي تأثر ببعض الأفكار الرائدة في هذا
المجال فحاول نقلها الى وطنه من خلال يومياته (يوميات مغترب) لتولد بعد ذلك هذه
المجموعة التي تضم مجموعة من الشباب الذي قرروا النزول للميدان وتفعيل هذه الفكرة
فكان من أهدافها جمع ثلاثين ألف كتاب قبل عيد الاستقلال الوطني وتسليمها إلى
المكتبة الوطنية لان كل من يتبرع بكتاب فهو يمنح الآخر فرصة الاطلاع عليه والعكس
صحيح.
لقد
استهلت هذه المجموعة حملتها بالإعلان عنها عبر الفيسبوك الذي توجد عليه صفحة خاصة
بها لمن يريد التبرع بكتب لهذه المجموعة وبعد ذلك كانت فكرة النزول إلى الميدان
وطرق باب مختلف الفاعلين الثقافيين، ولم ينس أعضاء هذه المجموعة أن يكونوا
المبادرين فتبرع كل منهم بمجموعة من الكتب القيمة ،وقد تبرع كذلك المركز الثقافي
المصري كجهة ثقافية فاعلة في الساحة الموريتانية بكمية من مجلة تصدر عنه ومن أبرز
المتبرعين من الشخصيات الثقافية
الموريتانية كان السيد عبد القادر ولد محمد الوزير والأستاذ الجامعي عبر مكتبته
حيث بلغ عدد الكتب التي تبرع بها ما يناهز مائة وستون كتابا ومجلة علمية، وتتنوع
هذه الكتب لتضم مختلف المجالات إسلامية وأدبية ومجلات بالإضافة لعدد معتبر من
الكتب باللغة الفرنسية، ولم يقتصر نشاط هذه المجموعة على ذلك بل تعداه إلى تجهيز
ثلاثين تلميذا بالأدوات المدرسية بالإضافة إلى لقاء مع مدير المتحف الوطني السيد
كان هاديا الذي أبدى استعداده التام للتعامل مع المجموعة ، كل هذا الجهد يبن لنا
أنه لا ينبغي أن نكرس جهودنا ووقتنا على الفيسبوك للسب والشتم والأمور التي لا
تخدم المجتمع، وعليه تكون هذه المجموعة قد
صنعت الفارق بالمقارنة مع الكثير من المجوعات التي اتخذت من الجانب السياسي هدفا
لها تشهر فيه بمن تشاء وتقذف فيه من يخالفه الرأي، إذا من هذا المنطلق ينبغي أن
يكون هناك استغلالا عقلانيا لنعمة الفيسبوك التي تتيح لك تبادل الأفكار مع أي كان
وفي أي وق تشاء، بدل الخوض في المسائل الثانوية التي تثير الخلاف أكثر مما تجمع
،فالمشكلة الأساسية التي يعاني منها المجتمع الموريتاني هي تعليمية في المقام الأول
والمتعلمين على قلتهم لا يمارسون هواية المطالعة الا إذا كان هناك ضرورة يفرضها
امتحان او مسألة من هذا القبيل وأرجو أن يكون هناك في المستقبل القريب يوم وطني
للمطالعة حتي يكون وسيلة لتشجيع الجميع على المطالعة التي تعتبر الوسيلة الوحيدة
لتنمية وعي الشعوب الحضاري والثقافي.