الأحد، 23 نوفمبر 2014

السباحة في بركة آسنة إسمها موريتانيا !


ها نحن نعود من جديد لنتحدث ونتجادل ويخون بعضنا بعضاً في نفس الموضوع ، ولنفس الأسباب أيضا، ماذا يعني ذلك يا ترى ؟ ألا يعني أن نفس الداء، نعم هو داء !  لا يزال يعشعش في عقولنا المريضة عن وعي أو بغير وعي، هو ذاته الذي يهدأ مرة ثم يظهر بشدة بمجرد أن نلمس ولو بالهمس تلك القضايا الشائكة التي تعتبر بالنسبة للبعض محرمات ، مسائل مثيرة للفتنة ، منتنة تفرق ولا تجمع.
في مرة ما ضية قلت وفي مقال يتناول نفس الموضوع إن الوحدة الوطنية ليست أغنية تافهة، وها أنا أكررها ثانية وثالثة إن دعت الضرورة، الوحدة الوطنية ليس كلاما هنا أو هناك يلوكه صحفي جاهل على صفحات الفيسبوك، بل ومثقف متثاقف يسعى وراء شعبية فيسبوكية أغلبها لا يعرف عن الوحدة الوطنية إلا تينك الكلمتين اللتان صارتا ممجوجتين وكريهتي المنطق.
فلنسموا قليلا بفكرنا الإقصائي المختل، ولننظر من حولنا ، هل كل الظروف المحيطة بنا تشجع على الوحدة، لن أبدي رأيي في هذه النقطة بالذات لأن تلك الظروف تختلف من شخص لآخر لذلك يبقى الحكم نسبيا بامتياز ، لكن لنفترض أن فقيرا معوزا – وهم الغالبية- مر بجانب قصر أو لنقل فيلا فاخرة من فلل المال العام المنتشرة في تفرغ زينة، واستظل بظلها الوارف برهة، هل ترونه يبارك لمالكها ويمسح بيمينه على وجهه وينطلق لحال سبيله ، لا أظن، فقط بالعودة بالذاكرة بسرعة وبشكل مُتخَيَّل لمسكن ذلك الفقير في أحد الأحياء المنسية هناك حيث يُبحث عن الماء على ظهور الحمير مسافة معتبرة ستستطيعون تخمين نيته بكل سهولة، قبل الإسترسال ، لنذكّر أن هذا لا يدخل في مجال الإعتراض على مشيئة الله حيث يقسم أرزاقه على عباده، أبدا، حاش لله، إنه يدخل في مجال أو في نطاق تفكير فقير معوز ينحصر في كيفية تحصيل قوته اليومي وهو يرى أموال دولته ، بل أمواله هو نفسه يرفل فيها غيره سرقة مشروعة، ولنضرب حالة العقيد ول باي كمثال حي على ذلك ، هذا المواطن كيف تتصورون الوحدة الوطنية بالنسبة له ، ولنقس على ذلك كما يفعل الفقهاء في النوازل ، لنقس على ذلك حالة المزارع الذي يعمل في أرض  يفترض أنها أرض الجمهورية الإسلامية الموريتانية ، أرض ورث العمل فيها ولا أقول ورث ملكيتها، لأنها ملك القبيلة أو رجل الأعمال النافذ ، مزارع مثله كيف تتصورون رؤيته للوحدة الوطنية؟ ، وبالعودة لمثالنا الحي، العقيد الشيخ ولد باي ، أو العقداء الآخرين  المستترين بأموال الجمهورية ...الموريتانية، هذا العقيد وهؤلاء العمال المرابطين عند مدخل انواكشوط كيف ترونهم يفهمون ما نسميه نحن – أو بعضنا -  مجازا الوحدة الوطنية؟
كل ما سبق أردت به الإشارة إلى مسألة واحدة، الأنظمة العسكرية الحاكمة هي من يفترض أنها ترسي دعائم ما يسمى الوحدة الوطنية عبر رفع الظلم عن الفقراء ، عبر اتباع سياسات توزع بها ثروات الدولة بشكل أكثر عدالة، بشكل يمنع التفكير في أمور أخرى، هذا من جهة، أما من الجهة الثانية فإن ترك المسائل الحساسة (العبودية وأحداث 1989) عالقة ومحاولة الطمس عليها وتجييش بعض الصحفيين الأغبياء للإدعاء بأن هذا تهديد للوحدة الوطنية فهو هروب إلى الأمام ، فلكي تتحقق الوحدة الوطنية لا يكفي أن يظهر أحدنا في صورة مشتركة مع السيد مسعود ولد بلخير أو مع الأستاذ اسغير ولد امبارك  أو حمل طفل من " لحراطين" أو الزنوج لنثبت وطنيتنا أو التغني بما قدمه مسعود أو غيره، هذه تفاهة ونفاق، فلندرك أنها سلوك يعيش معك، سلوك غير متصنع تتصف به حسب الحاجة.
إن الإستمرار في ترك كل هذه المشاكل عالقة ومحاولة التعتيم عليها أو تخوين وتجريم من يجهر بالمطالبة بتسويتها ليس هو الحل المناسب بل لا يعدو كونه سباحة في بركة آسنة منتنة لمجموعة لاعبين أنانيين يكسبون المليارات في حين يكسب الآخرون فتاتا يرمون لهم به من وراء سترار وبتأفف وكأنهم يتلذذون بصراعهم ومشاكلهم تماما كما تروي كتب التاريخ، هؤلاء اللاعبون هم الجديرون بالإستهداف ، هم الجديرون بالمحاكمة أمام أعين الفقراء الذين تصرخ أمعاعهم قبل أفواههم أنقذونا أنقذونا.


التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

رأيكم يهمني

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

blogtopsites'