الثلاثاء، 5 أغسطس 2014

جنرال موريتانيا المنصّب يتوعد الحقوقيين


احتضن الملعب الألومبي السبت الماضي الثاني من أغسطس احتفالا أقامه الجنرال محمد ولد عبد العزيز بهدف تنصيبه بعد عملية هزلية سمّوها انتخابات رئاسية ، وكانت لجنة شكلها النظام الحاكم للإعداد لهذا الإحتفال سعت جاهدة لدعوة أكبر عدد من رؤساء العالم للحضور لهذا الإحتفال، لكن هذه التحضيرات لم تسفر عن أي حضور لرؤساء مهمين أو أي تمثيل رفيع المستوى لدول مشهود لها بالديمقراطية. انقضت إذا مسرحية تنصيب رئيس الإتحاد الإفريقي كما يحب التلفزيون الرسمي وزبانيته تسميته أو رئيس الإسلام كما سماه أحد الفقهاء البارزين الذين دأبت الأنظمة العسكرية المتعاقبة على تدجينهم خدمة لأهدافها كلما دعت الضرورة لذلك، لكن كان من أبرز النقاط التي أثارت انتقادات اتهامه لمنظمات حقوقية برزت محليا واتسعت إلى النطاق الدولي بأنها تسعى لتفكيك الوحدة الوطنية وسيقف في وجهها بكل حزم، حيث قال الجنرال:  ( .. سنتصدى بحزم لدعاة النعرات العنصرية والشرائحية والفئوية والقبلية التي تهدد بتفكيك نسيجنا الاجتماعي ولحمتنا الوطنية )، هذه الجملة بالذات اضطرت ما يعرف " بحِرَاك لِمْعَلْمِينْ " لإصدار بيان ندد فيه باتهامهم بهذه الأوصاف ووصفوه بأنه مجانب للحقيقة لأنهم في حراكهم يركزون على أهمية الوحدة الوطنية والحوزة الترابية كما أنهم يدعون لدولة القانون والمساواة لا دولة التفرقة والعنصرية وهم في ذلك يسعون لنيل حقوق شريحتهم المهمشة ، نفس الموقف تبنته منظمة إيرا الحقوقية التي عبرت في بيان أصدرته عن استغرابها من هذا الخطاب ووصفت ما قاله الجنرال ولد عبد العزيز بأنه لا يعدو كونه عبارات جوفاء إذ  لم يخرج عن عادته في تقديم خطابات لا محتوى لها ولا طموح ولا قصد من ورائها، بل كلها تهديد وزجر ووعيد بدل تقديم خطط تنموية جادة لتجاوز معاناتهم وتقديم حلول مستديمة تقتلع وتجتث أمراضهم نهائيا، وكان الجنرال قد أوعز لبعض المستشارين البلديين بتزكية زعيم حركة إيرا الحقوقية " برام الداه اعبيدي " لكي يتمكن من المشاركة في المهزلة الإنتخابية الماضية حينما امتنعت المعارضة الديمقراطية في الدخول في هذه المسرحية ، وكان يهدف من وراء ذلك لإيجاد من يضفي عليه شرعية انتخابية يبدو أنه لم يحصل عليها لحد الآن والدليل أنه في كل خطاباته أثناء تلك الإنتخابات كانت موجهة للمعارضة المقاطعة دون أن يهتم بمن يفترض أنهم خصومه الحقيقيون.
وبالعودة إلى المنظمات الحقوقية وما تحدثه من حراك اجتماعي متزايد نذكر ما بات يعرف " بوثيقة  الحقوق السياسية والإجتماعية والإقتصاديةلشريحة لِحْراَطِينْ " التي وقعت عليها شخصيات وازنة من هذه الشريحة ونظمت على إثرها مسيرة كبيرة كنوع من التأكيد على المطالب الواردة في هذه الوثقية التي رأت أنها تشكل مخرجا من الإحتقان الإجتماعي المتزايد وقد شارك في هذه المسيرة مختلف مكونات الشعب الموريتاني و أحزاب المعارضة الديمقراطية باستثناء الحزب الحاكم الذي سعى جاهدا لإفشالها في اللحظات الأخيرة ، نفس النهج تبناه " حِرَاك لِمْعَلْمِينْ " حيث أصدر وثيقة  بعنوان " الوثيقة المطلبية لشريحة لِمْعَلْمِينْ ) تتضمن ما يرونه السبيل لنيلهم لحقوقهم كمواطنين يستحقون مكانتهم اللائقة خصوصا مع الدور التاريخي الذي لعبوه في سبيل الإستقلال السياسي لموريتانيا، وتتضمن هذه الوثيقة عدة محاور " محور اجتماعي، و سياسي واقتصادي ، و المحور الثقاقي ثم أخيرا المحور المهني " وتتضمن كل هذه المحاور توصيفا للمشاكل التي يعانون منها و الحلول المقترحة لمعالجتها.

وعلى العموم تبقى موريتانيا في موجهة تحديات اجتماعية جمة ، وتزيد نسبة هذه التحديات و المخاطر الممكن أن تحدث في المستقبل خصوصا في ظل حكم نظام عسكري قمعي يقوم على المحاباة والفساد وتقديم الوظائف والتعيينات على أساس قبلي وجهوي وعلى أساس الولاء السياسي مقابل إقصاء كل من يعترض على سياساته الإقتصادية غير المدروسة خاصة في مجال الصفقات العمومية التي بات المستفيد الوحيد منها هم أقرباء الرئيس والمقربين سياسيا منه والنتيجة دائما هو الفشل الذي يظهر في هذه الصفقات بسرعة فائقة و أقرب مثال على ذلك صفقة المولدات الكهربائية التي اقتنيت لتزويد العاصمة بالكهرباء إلا أنه تم اقتناء مولدات قديمة تعطل نصفها في أول تشغيل لها وغيرها كثير ليس هذا مقامه، ونتيجة للمحاباة و ضعف الوعي الإجتماعي والخطابات الشعبوية التي يرسم فيها الجنرال مستقبلا ورديا للشعب تظل كل تلك التحديات موجودة دون حل ويبقى الفقراء في القاع على أمل تحقيق أحلام من سراب.
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

رأيكم يهمني

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

blogtopsites'